البرهان الخامس : [دعوى دوران الأمر بين عامّين من وجه]

وحاصله : تحويل الدوران في المقام إلى دوران الواجب بين عامَّين من وجهٍ بدلاً عن الأقلّ والأكثر ، وتوضيح ذلك ضمن مقدمتين :

الاولى : أنّ الواجب تارةً يدور أمره بين المتباينين ، كالظهر والجمعة.

واخرى بين العامَّين من وجه ، كإكرام العادل وإكرام الهاشمي. وثالثةً بين الأقلّ والأكثر.

ولا إشكال في تنجيز العلم الإجمالي في الحالة الاولى الموجب للجمع بين الفعلين ، وتنجيزه في الحالة الثانية الموجب لعدم جواز الاقتصار على إحدى مادّتَي الافتراق ، وأمّا الحالة الثالثة فهي محلّ الكلام.

الثانية : أنّ الواجب المردّد في المقام بين التسعة والعشرة إذا كان عبادياً فالنسبة بين امتثال الأمر على تقدير تعلّقه بالاقلّ وامتثاله على تقدير تعلّقه بالأكثر هي العموم من وجه ، ومادة الافتراق من ناحية الأمر بالأقلّ واضحة ، وهي : أن يأتي بالتسعة فقط. وأمّا مادة الافتراق من ناحية الأمر بالأكثر فلا تخلو من خفاءٍ في النظرة الاولى ؛ لأنّ امتثال الأمر بالأكثر يشتمل على الأقلّ حتماً.

ولكن يمكن تصوير مادة الافتراق في حالة كون الأمر عبادياً والإتيان بالأكثر بداعي الأمر المتعلّق بالأكثر على وجه التقييد على نحوٍ لو كان الأمر متعلّقاً بالأقل فقط لمَا انبعث عنه ، ففي مثل ذلك يتحقق امتثال الأمر بالأكثر على تقدير ثبوته ، ولا يكون امتثالاً للأمر بالاقل على تقدير ثبوته.

ويثبت على ضوء هاتين المقدمتين أنّ العلم الإجمالي في المقام منجِّز إذا كان الواجب عبادياً ، كما هو واضح.

والجواب : أنّ التقييد المفروض في النية لا يضرّ بصدق الامتثال على كلّ حالٍ حتّى للأمر بالأقلّ ما دام الانبعاث عن الأمر فعلياً.

۶۰۸۱