الوظيفة الأوّلية في حالة الشكّ
كلّما شكّ المكلف في تكليفٍ شرعيٍّ ولم يتأتَّ له إقامة الدليل عليه إثباتاً أو نفياً فلابدّ له من تحديد الوظيفة العملية تجاهه. ويقع الكلام أوّلاً في تحديد الوظيفة العملية تجاه التكليف المشكوك بقطع النظر عن أيّ تدخّلٍ من الشارع في تحديدها ، وهذا يعني التوجّه إلى تعيين الأصل الجاري في الواقعة بحدّ ذاتها ، وليس هو إلاّالأصل العملي العقلي. ويوجد بصدد تحديد هذا الأصل العقلي مسلكان :
١ ـ مسلك قبح العقاب بلا بيان :
إنّ مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ هو المسلك المشهور ، وقد يستدلّ عليه بعدّة وجوه :
الأول : ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله (١) من : أنّه لا مقتضيَ للتحرّك مع عدم وصول التكليف ، فالعقاب حينئذٍ عقاب على ترك مالا مقتضي لإيجاده ، وهو قبيح.
وقد عرفت في حلقةٍ سابقةٍ (٢) أنّ هذا الكلام مصادرة ؛ لأنّ عدم المقتضي
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٦٥.
(٢) في بحث الاصول العمليّة من الحلقة الثانية ، تحت عنوان : القاعدة العمليّة الأوّليّة في حالة الشكّ.