المرحلة الثانية
في تحديد دائرة حجّية الأخبار
ونأتي الآن إلى المرحلة الثانية في تحديد دائرة هذه الحجِّية وشروطها.
والتحقيق في ذلك : أنّ مدرك حجِّية الخبر إن كان مختصّاً بآية النبأ فهو لا يثبت سوى حجّية خبر العادل خاصّة ، ولا يشمل خبر الثقة غير العادل. وأمّا إذا لم يكن المدرك مختصّاً بذلك وفرض الاستدلال بالسيرة والروايات أيضاً ـ على ما تقدم ـ فلا شكّ في وفاء السيرة والروايات بإثبات الحجِّية لخبر الثقة ؛ ولو لم يكن عادلاً.
ومن هنا قد توقع المعارضة بالعموم من وجهٍ بين ما دلّ على حجِّية خبر الثقة الشامل بإطلاقه للثقة الفاسق ، ومنطوق آية النبأ الدالّ بإطلاقه على عدم حجّية خبر الفاسق ولو كان ثقة.
وقد يقال حينئذٍ بالتعارض والتساقط والرجوع إلى أصالة عدم حجّية خبر الثقة الفاسق ، إذ لم يتمَّ الدليل على حجّيته.
ولكنّ الصحيح : أنّه لا إطلاق في منطوق الآية الكريمة لخبر الثقة الفاسق ؛ لأنّ التعليل بالجهالة يوجب اختصاصه بموارد يكون العمل فيها بخبر الفاسق سفاهةً ، وهذا يختصّ بخبر غير الثقة ، فلا تعارض إذن ، وبذلك يثبت حجّية خبر الثقة دون غيره.
وهل يسقط خبر الثقة عن الحجِّية إذا وجدت أمارة ظنّية نوعية على كذبه؟ وهل يرتفع خبر غير الثقة إلى مستوى الحجّية إذا توفّرت أمارة من هذا القبيل على صدقه؟ فيه بحث وكلام ، وقد تقدّم موجز عن تحقيق ذلك