الوجوب ، وهو عدم التسمية باسم الفاسق. والآخر نقطع بكونه قيداً فيه ، وهو عدم ارتكاب الكبيرة. والثالث نشكّ في قيديّته ، وهو عدم ارتكاب الصغيرة.
إذا اتّضحت هذه المقدمة فنقول : إنّ العامّ في نفسه يثبت وجوب إكرام الفقير بدون دخالة أيِّ قيد ، غير أنّ المخصِّص حجّة لإثبات القيدية لعدم ارتكاب الكبيرة ، فيعود حكم العام بعد تحكيم القرينة وجوباً مقيّداً بعدم ارتكاب الكبيرة ، ولا موجب لتقيّده بعدم التسمية باسم الفاسق أو بعدم ارتكاب الصغيرة.
أمّا الأول فللقطع بعدم قيديته ، وأمّا الثاني فلعدم إحراز دلالة المخصّص على ذلك. وعليه فيثبت بالعام بعد التخصيص وجوب الإكرام لكلّ فقيرٍ منوطاً بعدم ارتكاب الكبيرة ، وهذا الوجوب المنوط نثبته في مرتكب الصغيرة بلا محذورٍ أصلاً ، ويسمّى ذلك بالتمسّك بالعامِّ في الشبهة المفهومية للمخصّص.
٥ ـ تطبيقات للجمع العرفي
هناك حالات ادُّعي فيها تطبيق نظرية الجمع العرفي ، ووقع البحث في صحة ذلك وعدمه ، نذكر في مايلي جملةً منها :
١ ـ إذا وردت جملتان شرطيتان لكلٍّ منهما شرط خاصّ ولهما جزاء واحد ، من قبيل : «إذا خفي الأذان فقصِّر» ، و «إذا خفيت الجدران فقصِّر» وقع التعارض بين منطوق كلٍّ منهما ومفهوم الاخرى. وهنا قد يقال : بأنّ منطوق كلٍّ منهما يقدّم على مفهوم الاخرى ، وينتج أنّ للتقصير علّتين مستقلّتين : إمّا لأنّ دلالة المنطوق دائماً أظهر من دلالة المفهوم ، وإمّا بدعوى أنّ المنطوق في المقام أخصّ فيقدَّم تخصيصاً ؛ لأنّ المفهوم في كلّ جملةٍ يدلّ على انتفاء الجزاء بانتفاء شرطها ، وهذا مطلق لحالتَي وجود شرط الجملة الاخرى وعدم وجوده ،