في المقام ؛ لأنّ التكليف بالأقلّ ـ سواء كان استقلالياً أو ضمنياً ـ قد أتى بمتعلّقه بحسب الفرض ، إذ ليس متعلّقه إلاّالأقلّ ، وإنمّا ينشأ احتمال عدم سقوطه من احتمال قصورٍ في نفس الوجوب بلحاظ ضمنيّته المانعة عن سقوطه مستقلًّا عن وجوب الزائد ، وهكذا يرجع الشكّ في السقوط هنا إلى الشكّ في ارتباط وجوب الأقلّ بوجوب زائد ، ومثل هذا الشكّ ليس مجرىً لأصالة الاشتغال ، بل يكون مؤمَّناً عنه بالأصل المؤمِّن عن ذلك الوجوب الزائد ، لا بمعنى أنّ ذلك الأصل يثبت سقوط وجوب الأقلّ ، بل بمعنى أنّه يجعل المكلف غير مطالبٍ من ناحية عدم السقوط الناشئ من وجوب الزائد.
البرهان الرابع : [العلم الإجمالي الناشئ من حرمة القطع]
وهو علم إجماليّ يجري في الواجبات التي يحرم قطعها عند الشروع فيها ، كالصلاة ، إذ يقال : بأنّ المكلّف إذا كبّر تكبيرة الإحرام ملحونةً وشكّ في كفايتها حصل له علم إجمالي : إمّا بوجوب إعادة الصلاة ، أو حرمة قطع هذا الفرد من الصلاة التي بدأ بها ؛ لأنّ الجزء إن كان يشمل الملحون حرم عليه قطع ما بيده ، وإلاّ وجبت عليه الإعادة ، فلابدّ له من الاحتياط ؛ لأنّ أصالة البراءة عن وجوب الزائد تعارض أصالة البراءة عن حرمة قطع هذا الفرد.
ونلاحظ على ذلك : أنّ حرمة قطع الصلاة موضوعها هو الصلاة التي يجوز للمكلف بحسب وظيفته الفعلية الاقتصار عليها في مقام الامتثال ، إذ لا إطلاق في دليل الحرمة لما هو أوسع من ذلك. وواضح أنّ انطباق هذا العنوان على الصلاة المفروضة فرع جريان البراءة عن وجوب الزائد ، وإلاّ لمَا جاز الاقتصار عليها عملاً ، وهذا يعني أنّ احتمال حرمة القطع مترتّب على جريان البراءة عن الزائد ، فلا يعقل أن يستتبع أصلاً معارضاً له.