لأنّ تنجّز الجامع بالمجمل إنّما هو لقاعدة منجِّزية العلم الإجمالي ، وهذه القاعدة لها أركان أربعة ، وفي مثل الفرض المذكور يختل ركنها الثالث ـ كما أوضحنا ذلك في الحلقة السابقة (١) ـ حيث إنّ أحد المحتملين إذا ثبت بدليلٍ فلا يبقى محذور في نفي المحتمل الآخر بالأصل العملي المؤمِّن.
وأمّا النصّ فلا شكّ في لزوم العمل به ، ولا يحتاج إلى التعبّد بحجّية الجانب الدلاليِّ منه إذا كان نصّاً في المدلول التصوري والمدلول التصديقي معاً.
دليل حجّية الظهور :
وأمّا الظاهر فظهوره حجّة ، وهذه الحجّية هي التي تسمّى بأصالة الظهور ، ويمكن الاستدلال عليها بوجوه :
الوجه الأول : الاستدلال بالسنّة المستكشَفة من سيرة المتشرِّعين من الصحابة وأصحاب الأئمّة عليهمالسلام ؛ حيث كان عملهم على الاستناد إلى ظواهر الأدلّة الشرعية في تعيين مفادها ، وقد تقدم في الحلقة السابقة (٢) توضيح الطريق لإثبات هذه السيرة.
الوجه الثاني : الاستدلال بالسيرة العقلائية على العمل بظواهر الكلام ، وثبوت هذه السيرة عقلائياً ممّا لا شكّ فيه ؛ لأنّه محسوس بالوجدان ، ويعلم بعدم كونها سيرةً حادثةً بعد عصر المعصومين ، إذ لم يعهد لها بديل في مجتمعٍ من
__________________
(١) في بحث الاصول العمليّة ، ضمن الحديث عن قاعدة منجّزية العلم الإجمالي ، تحت عنوان : تحديد أركان هذه القاعدة.
(٢) في بحث إثبات حجّية الدلالة في الدليل الشرعي ، تحت عنوان : الاستدلال على حجّيةالظهور.