شبهة تنجّز الواقع المشكوك :
وأمّا الاعتراض الثالث فقد اجيب (١) : بأنّ تصحيح العقاب على التكليف الواقعيّ الذي أخبر عنه الثقة بلحاظ حجّية خبره لا ينافي قاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ لأنّ المولى حينما يجعل خبر الثقة حجّةً يعطيه صفة العلم والكاشفية اعتباراً على مسلك الطريقية المتقدم ، وبذلك يخرج التكليف الواقعيّ عن دائرة قبح العقاب بلا بيان ؛ لأنّه يصبح معلوماً بالتعبّد الشرعي ؛ وإن كان مشكوكاً وجداناً.
ونلاحظ على ذلك : أنّ هذه المحاولة إذا تمّت فلا تجدي في الأحكام الظاهرية المجعولة في الاصول العملية غير المحرزة ، كأصالة الاحتياط ؛ على أنّ المحاولة غير تامّة ، كما يأتي (٢) إن شاء الله تعالى.
والصحيح : أنّه لا موضوع لهذا الاعتراض على مسلك حقّ الطاعة ؛ لِمَا تقدّم من أنّ هذا المسلك المختار يقتضي إنكار قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ رأساً.
وقد تلخّص ممّا تقدم : أنّ جعل الأحكام الظاهرية ممكن.
الأمارات والاصول :
تنقسم الأحكام الظاهرية إلى قسمين :
أحدهما : الأحكام الظاهرية التي تُجعل لإحراز الواقع ، وهذه الأحكام تتطلّب وجود طريقٍ ظنّيٍّ له درجة كشفٍ عن الحكم الشرعي ؛ ويتولّى الشارع
__________________
(١) يمكن استفادة ذلك ممّا جاء في أجود التقريرات ٢ : ١١.
(٢) ضمن المبادئ العامّة من مباحث الأدلّة المحرزة ، تحت عنوان : وفاء الدليل بدور القطع الطريقي والموضوعي.