موضوع علم الاصول
موضوع علم الاصول ـ كما تقدم في الحلقة السابقة (١) ـ «الأدلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي». والبحث الاصوليّ يدور دائماً حول دليليّتها.
وعدم تمكّن بعض المحقّقين (٢) من تصوير موضوع العلم على النحو الذي ذكرناه أدّى إلى التشكّك في ضرورة أن يكون لكلّ علمٍ موضوع ، ووقع ذلك موضعاً للبحث ، فاستدلّ على ضرورة وجود موضوعٍ لكلّ علمٍ بدليلين :
أحدهما : أنّ التمايز بين العلوم بالموضوعات ، بمعنى أنّ استقلال علم النحو عن علم الطبّ إنّما هو باختصاص كلٍّ منهما بموضوعٍ كلّيٍّ يتميّز عن موضوع الآخر ، فلابدّ من افتراض الموضوع لكلّ علم.
وهذا الدليل أشبه بالمصادرة ؛ لأنّ كون التمايز بين العلوم بالموضوعات فرع وجود موضوعٍ لكلّ علم ، وإلاّ تعيّن أن يكون التمييز قائماً على أساسٍ آخر ، كالغرض.
والآخر : أنّ التمايز بين العلوم إن كان بالموضوع فلابدّ من موضوعٍ لكلّ علمٍ إذن لكي يحصل التمايز ، وإن كان بالغرض على أساس أنّ لكلّ علمٍ غرضاً يختلف عن الغرض من العلم الآخر فحيث إنّ الغرض من كلّ علمٍ واحد ، والواحد لا يصدر إلاّمن واحدٍ فلابدّ من افتراض مؤثِّرٍ واحدٍ في ذلك الغرض. ولمّا كانت
__________________
(١) ضمن مباحث التمهيد ، تحت عنوان : موضوع علم الاصول وفائدته.
(٢) كالمحقّق العراقي رحمهالله في نهاية الأفكار ١ : ٩ ـ ١٢ ، والسيّد الخوئي رحمهالله في المحاضرات ١ : ٢٠.