النسب ليوضع الحرف له ، فلابدّ من وضع الحرف لكلّ نسبةٍ بالخصوص ، وهذا إنّما يتأتّى باستحضار جامعٍ عنوانيٍّ عَرَضيٍّ مشير ، فيكون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً.
وليس المراد بالخاصِّ هنا الجزئيّ بمعنى ما لا يقبل الصدق على كثيرين ؛ لأنّ النسبة كثيراً ما تقبل الصدق على كثيرين بتبع كلّيّة طرفيها ، بل [المراد] كون الحرف موضوعاً لكلّ نسبةٍ بما لها من خصوصية الطرفين ، فجزئية المعنى الحرفيّ جزئية بلحاظ الطرفين ؛ لا بلحاظ الانطباق على الخارج.
هيئات الجمل :
كما أنّ الحروف موضوعة للنسبة على أنحائها كذلك هيئات الجمل ، غير أنّ هيئة الجملة الناقصة موضوعة لنسبةٍ ناقصة ، وهيئة الجملة التامّة موضوعة لنسبةٍ تامّةٍ يصحّ السكوت عليها.
وخالف في ذلك السيّد الاستاذ ، إذ ذهب إلى أنّ هيئة الجملة الناقصة موضوعة لِمَا هو مدلول الدلالة التصديقية الاولى ، أي لقصد إخطار المعنى ، وأنّ هيئة الجملة التامّة موضوعة لِمَا هو مدلول الدلالة التصديقية الثانية ، وهو قصد الحكاية في الجملة الخبرية ، والطلب وجعل الحكم في الجملة الإنشائية ، وهكذا (١). وقد بنى ذلك على مسلكه في تفسير الوضع بالتعهّد الذي يقتضي أن تكون الدلالة الوضعية تصديقيةً والمدلول الوضعيّ تصديقياً ، كما تقدم (٢).
__________________
(١) أقرب ما وجدناه إلى هذا البيان في كلمات السيّد الخوئي رحمهالله ما جاء في هامش أجودالتقريرات ١ : ٢٤ ، كما جاءت الإشارة إليه أيضاً في هامش الصفحة ٣١ من نفس المصدر.
(٢) في الحلقة الثانية ضمن التمهيد لبحث الدليل الشرعي اللفظي ، تحت عنوان : الوضع وعلاقته بالدلالات المتقدّمة.