أركان الاستصحاب

وللاستصحاب على ما يستفاد من أدلّته المتقدمة أربعة أركان ، وهي : اليقين بالحدوث ، والشكّ في البقاء ، ووحدة القضية المتيقّنة والمشكوكة ، وكون الحالة السابقة في مرحلة البقاء ذات أثرٍ عمليٍّ مصحِّحٍ للتعبّد بها. وسنتكلّم عن هذه الأركان في ما يلي تباعاً إن شاء الله تعالى :

أ ـ اليقين بالحدوث :

ذهب المشهور إلى أنّ اليقين بالحدوث ركن مقوِّم للاستصحاب ، ومعنى ذلك أنّ مجرّد ثبوت الحالة السابقة في الواقع لا يكفي لفعلية الحكم الاستصحابي لها ، وإنمّا يجري الاستصحاب إذا كانت الحالة السابقة متيقّنة ، وذلك لأنّ اليقين قد اخذ في موضوع الاستصحاب في ألسنة الروايات ، وظاهر أخذه كونه مأخوذاً على نحو الموضوعية لا الطريقية إلى صرف ثبوت الحالة السابقة.

نعم ، في رواية عبدالله بن سنان المتقدمة علَّل الحكم الاستصحابي بنفس الحالة السابقة في قوله : «لأنّك أعرته إيّاه وهو طاهر» ، لا باليقين بها ، وهو ظاهر في ركنية المتيقّن لا اليقين ، وتصلح أن تكون قرينةً على حمل اليقين في سائر الروايات على الطريقية إذا تمّ الاستدلال بالرواية المذكورة على الكبرى الكلّية.

وقد نشأت مشكلة من افتراض ركنيّة اليقين بالحدوث ، وهي : أنّه إذا كان ركناً فكيف يمكن إجراء الاستصحاب فيما هو ثابت بالأمارة إذا دلّت الأمارة على حدوثه وشككنا في بقائه ، مع أنّه لا يقين بالحدوث ، كما إذا دلّت الأمارة على نجاسة ثوبٍ وشكّ في تطهيره ، أو على نجاسة الماء المتغيّر في الجملة وشكّ

۶۰۸۱