القاعدة المذكورة.
نعم ، إذا نشأ العلم الإجمالي من شبهةٍ موضوعيةٍ تردّد فيها مصداق قيدٍ من القيود المأخوذة في الواجب بين فردين وجبت الموافقة القطعية حتى على المسلك المذكور ، كما إذا وجب إكرام العالم وتردّد العالم بين زيدٍ وخالد ، فإنّ كون الإكرام إكراماً للعالم قيد للواجب ، فيكون تحت الأمر وداخلاً في العهدة ، ويشكّ في تحقّقه خارجاً بالاقتصار على إكرام أحد الفردين ، ومقتضى قاعدة «أنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني» وجوب الاحتياط حينئذٍ.
هذا كلّه في ما يتعلّق بالأمر الأول.
٢ ـ جريان الاصول في جميع الأطراف ، وعدمه :
وأمّا الأمر الثاني وهو في جريان الاصول الشرعية في جميع أطراف العلم الإجمالي فقد تقدّم الكلام عن ذلك بلحاظ مقام الثبوت ومقام الإثبات معاً في مباحث القطع (١) ، واتّضح : أنّ المشهور بين الاصوليّين استحالة جريان الاصول في جميع الأطراف ؛ لأدائه الى الترخيص في المعصية للمقدار المعلوم ، أي في المخالفة القطعية ، وأنّ الصحيح هو : إمكان جريانها في جميع الأطراف عقلاً ، غير أنّ ذلك ليس عقلائياً. ومن هنا كان الارتكاز العقلائي موجباً لانصراف أدلّة الاصول عن الشمول لجميع الأطراف.
وينبغي أن يعلم : أنّ ذلك إنّما هو بالنسبة الى الاصول الشرعية المؤمِّنة ، وأمّا الاصول الشرعية المنجِّزة للتكليف فلامحذور ثبوتاً ولا إثباتاً في جريانها في كلّ أطراف العلم الإجمالي بالتكليف إذا كان كلّ طرفٍ مورداً لها في نفسه ،
__________________
(١) في الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة ، تحت عنوان : العلم الإجمالي.