مترقّباً عقيب هذا النحو من الإنذار ، فمع شكّ السامع في ذلك لا يمكن التمسّك بإطلاق الآية لإثبات مطلوبية الحذر.

ويمكن النقاش في الأمر الثالث : بأنّ وجوب التحذّر مترتّب على عنوان الإنذار ، لا مجرّد الإخبار ، والإنذار يستبطن وجود خطرٍ سابق ، وهذا يعني أنّ الإنذار ليس هو المنجِّز والمستتبع لاحتمال الخطر بجعل الشارع الحجّية له ، وإنّما هو مسبوق بتنجّز الأحكام في المرتبة السابقة بالعلم الإجمالي ، أو الشكّ قبل الفحص.

هذا ، مضافاً إلى أنّ تنجّز الأحكام الإلزامية بالإخبار غير القطعيّ لا يتوقّف على جعل الحجّية للخبر شرعاً بناءً على مسلك حقّ الطاعة ، كما هو واضح.

٢ ـ دلالة السنّة على حجّية الخبر

وأمّا السنّة فهناك طريقان لإثباتها :

أحدهما : الأخبار الدالّة على الحجّية ، ولكي يصحَّ الاستدلال بها على حجّية خبر الواحد لابدّ أن تكون قطعية الصدور ، وتذكر في هذا المجال طوائف عديدة من الروايات ، والظاهر أنّ كثيراً منها لا يدلّ على الحجّية.

وفي ما يلي نستعرض بإيجازٍ جُلَّ هذه الطوائف ليتّضح الحال :

الطائفة الاولى : ما دلّ على التصديق الواقعيِّ ببعض روايات الثقات ، من قبيل ما ورد عن العسكري عليه‌السلام عندما عرض عليه كتاب (يوم وليلة) ليونس بن عبدالرحمان ، إذ قال : «هذا ديني ودين آبائي ، وهو الحقّ كلّه» (١).

وهذا مردّه إلى الإخبار عن المطابقة للواقع ، وهو غير الحجّية التعبّدية التي

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٠ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٥.

۶۰۸۱