المقرونة بالنسيان والصلاة التامّة ، كما لا يلزم منه عدم إمكان الوصول إلى الناسي ؛ لأنّ موضوع التكليف هو طبيعيّ المكلف ، غاية ما في الأمر أنّ الناسي يرى نفسه آتياً بأفضل الحصّتين من الجامع ؛ مع أنّه إنّما تقع منه أقلّهما قيمة ، ولا محذور في ذلك.
وهذا الجواب أفضل ممّا ذكره عدد من المحقّقين (١) في المقام من حلِّ الإشكال وتصوير تكليف الناسي بالأقلّ بافتراض خطابين : أحدهما متكفّل بإيجاب الأقلّ على طبيعيّ المكلف ، والآخر متكفّل بإيجاب الزائد على المتذكِّر. إذ نلاحظ على ذلك : أنّ الأقلّ في الخطاب الأول هل هو مقيّد بالزائد ، أو مطلق من ناحيته ، أو مقيّد بلحاظ المتذكِّر ومطلق بلحاظ الناسي ، أو مهمل؟
والأول خلف ، إذ معناه عدم كون الناسي مكلَّفاً بالأقل. والثاني كذلك ؛ لأنّ معناه كون المتذكِّر مكلَّفاً بالأقل وسقوط الخطاب الأول بصدور الأقلّ منه.
والثالث رجوع إلى الخطاب الواحد الذي ذكرناه ، ومعه لا حاجة إلى افتراض خطابٍ آخر يخصّ المتذكِّر. والرابع غير معقول ؛ لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد في عالم الجعل تقابل السلب والإيجاب فلا يمكن انتفاؤهما معاً.
وعلى هذا الأساس فالمقام من صغريات دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر ، فيلحقه حكمه من جريان البراءة عن الزائد. بل التدقيق في المقارنة يكشف عن وجود فارقٍ يجعل المقام أحقَّ بالبراءة من حالات الدوران المذكور ، وهو : أنّ العلم بالواجب المردّد بين الأقلّ والأكثر قد يدّعى كونه في حالات الدوران المذكور علماً إجمالياً منجّزاً.
__________________
(١) منهم المحقّق الخراساني في كفاية الاصول : ٤١٨ ، والمحقّق النائيني في فوائد الاصول ٤ : ٢١٤.