التقابل بين الإطلاق والتقييد :
عرفنا أنّ الماهيّة عند ملاحظتها من قبل الحاكم أو غيره : تارةً تكون مطلقة ، واخرى مقيّدة ، وهذان الوصفان متقابلان ، غير أنّ الأعلام اختلفوا في تشخيص هويّة هذا التقابل.
فهناك القول بأ نّه من تقابل التضادّ ، وهو مختار السيّد الاستاذ (١).
وقول آخر : بأ نّه من تقابل العدم والملكة (٢).
وقول ثالث : بأ نّه من تقابل التناقض (٣).
وذلك لأنّ الإطلاق إن كان هو مجرّد عدم لحاظ وصف العلم وجوداً وعدماً تمّ القول الثالث. وإن كان عدم لحاظه حيث يمكن لحاظه تمّ القول الثاني. وإن كان الإطلاق لحاظ رفض القيد تمّ القول الأول.
والفوارق بين هذه الأقوال تظهر في ما يلي :
١ ـ لا يمكن تصوّر حالةٍ ثالثةٍ غير الإطلاق والتقييد على القول الثالث ؛ لاستحالة ارتفاع النقيضين ، ويمكن افتراضها على القولين الأوّلين ، وتسمّى بحالة الإهمال.
٢ ـ يرتبط إمكان الإطلاق بإمكان التقييد على القول الثاني ، فلا يمكن الإطلاق في كلّ حالةٍ لا يمكن فيها التقييد.
ومثال ذلك : أنّ تقييد الحكم بالعلم به مستحيل ، فيستحيل الإطلاق أيضاً
__________________
(١) المحاضرات ٢ : ١٧٣ و ١٧٩.
(٢) القائل هو المحقّق النائيني في أجود التقريرات ١ : ١٠٣ و ٥٢٠ ، وحكاه عن سلطان العلماء في فوائد الاصول ١ : ٥٦٥.
(٣) وهذا ما تبنّاه المؤلّف نفسه رحمهالله كما سيأتي في المتن.