٢ ـ حجّيّة الدليل العقلي
الدليل العقلي إن كان ظنيّاً فهو بحاجةٍ إلى دليلٍ على حجّيته ، ولا دليل على حجّية الظنون العقلية. وأمّا إذا كان قطعياً فهو حجّة من أجل حجّية القطع.
ونسب إلى بعضهم (١) القول بعدم حجّية القطع الناشئ من الدليل العقلي ، وهو بظاهره غير معقول ؛ لأنّ حجّية القطع الطريقي غير قابلةٍ للانفكاك عنه مهما كان سببه. ومن هنا حاول بعض الأعلام (٢) توجيهه ثبوتاً بدعوى تحويل القطع من طريقيٍّ إلى موضوعي ، وذلك بأن يُفرض عدم القطع العقلي قيداً في موضوع الحكم المجعول ، فمع القطع العقلي لا حكم ليكون القطع منجِّزاً له.
ويرد على ذلك :
أولاً : أنّ القطع العقلي الذي يؤخذ عدمه في موضوع الحكم هل هو القطع بالحكم المجعول ، أو بالجعل؟ والأول واضح الاستحالة ؛ لأنّ القطع بالمجعول يساوق في نظر القاطع ثبوت المجعول فعلاً ، فكيف يعقل أن يصدِّق بأ نّه يساوق انتفاءه؟ وأمّا الثاني فلا تنطبق عليه هذه الاستحالة ، إذ قد يصدِّق القاطع بالجعل
__________________
(١) نسبه الشيخ الأنصاري في فرائد الاصول ١ : ٥١ ، إلى بعض الأخباريّين.
(٢) كالمحقّق النائيني في فوائد الاصول ٣ : ١٣ ـ ١٤.