وهذا الاقتضاء يؤثّر مع عدم المعارض ، ومن الواضح أنّ جريان الأصل المؤمِّن في الطرف المشترك في الفترة الزمنية السابقة على حدوث العلم الإجمالي المتأخّر كان معارضاً بأصلٍ واحد ـ وهو الأصل في الطرف المختصّ بالعلم السابق ـ غير أنّ جريانه في الفترة الزمنية اللاحقة يوجد له معارضان ، وهما الأصلان الجاريان في الطرفين المختصّين معاً ، وبذلك يبطل التقريب الأول ، فالعلمان الإجماليان منجِّزان معاً.
٦ ـ حكم ملاقي أحد الأطراف :
إذا علم المكلف إجمالاً بنجاسة أحد المائعين ولاقى الثوب أحدهما المعيَّن حصل علم إجمالي آخر بنجاسة الثوب أو المائع الآخر ، وهذا ما يسمّى بملاقي أحد أطراف الشبهة. وفي مثل ذلك قد يقال بعدم تنجيز العلم الإجمالي الآخر ، فلا يجب الاجتناب عن الثوب وإن وجب الاجتناب عن المائعين ، وذلك لأحد تقريبين :
الأول : تطبيق فرضية العلمين الإجماليّين ـ المتقدِّم والمتأخِّر ـ في المقام ، بأن يقال : إنّه يوجد لدى المكلف علمان إجماليان بينهما طرف مشترك وهو المائع الآخر ، فينجّز السابق منهما دون المتأخّر.
وهذا التقريب إذا تمّ يختصّ بفرض تأخّر الملاقاة أو العلم بها على الأقلّ عن العلم بنجاسة أحد المائعين ، ولكنّه غير تامّ ، كما تقدم.
الثاني : أنّ الركن الثالث منهدم ؛ لأنّ أصل الطهارة يجري في الثوب بدون معارض ؛ وذلك لأنّه أصل طوليّ بالنسبة الى أصل الطهارة في المائع الذي لاقاه الثوب ـ ولنسمِّه المائع الأول ـ فأصالة الطهارة في المائع الأول تعارض أصالة الطهارة في المائع الآخر ، ولا تدخل أصالة الطهارة للثوب في هذا التعارض ؛