المعذِّرية عن القطع بالإباحة : إمّا أن يكون بجعل تكليفٍ حقيقي ، أو بجعل تكليفٍ طريقي ، والأوّل مستحيل ؛ للتنافي بينه وبين الإباحة المقطوعة. والثاني مستحيل ؛ لأنّ التكليف الطريقيّ ليس إلاّوسيلةً لتنجيز التكليف الواقعي كما تقدّم (١) ، والمكلّف القاطع بالإباحة لا يحتمل تكليفاً واقعياً في مورد قطعه لكي يتنجَّز ، فلا يرى للتكليف الطريقيّ أثراً.
العلم الإجمالي :
كما يكون القطع التفصيليّ حجّةً كذلك القطع الإجمالي ـ وهو ما يسمّى عادةً بالعلم الإجمالي ـ كما إذا علم إجمالاً بوجوب الظهر أو الجمعة. ومنجِّزية هذا العلم الإجمالي لها مرحلتان :
الاولى : مرحلة المنع عن المخالفة القطعية بترك كلتا الصلاتين في المثال المذكور.
والثانية : مرحلة المنع حتّى عن المخالفة الاحتمالية المساوق لإيجاب الموافقة القطعية ، وذلك بالجمع بين الصلاتين.
أمّا المرحلة الاولى فالكلام فيها يقع في أمرين :
أحدهما : في حجّية العلم الإجمالي بمقدار المنع عن المخالفة القطعية.
والآخر : في إمكان ردع الشارع عن ذلك ، وعدمه.
أمّا الأمر الأوّل فلا شك في أنّ العلم الإجماليّ حجّة بذلك المقدار ؛ لأنّه مهما تصوّرناه فهو مشتمل حتماً على علمٍ تفصيليٍّ بالجامع بين التكليفين ، فيكون مُدخِلاً لهذا الجامع في دائرة حقّ الطاعة. أمّا على رأينا في سعة هذه الدائرة فواضح. وأمّا على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ فلأنّ العلم الإجماليّ
__________________
(١) تحت عنوان : وظيفة الأحكام الظاهريّة.