التعبّد المحض. وما يكشف عن المراد ليس هو الظهور التصوري ، بل التصديقي ، فإناطة الحجِّية بغير حيثية الكشف بلا موجبٍ عقلائياً ، فيتعيّن أن يكون موضوع الحجِّية هو الظهور التصديقي.
كما أنّ الاحتمال الثاني ساقط أيضاً ، باعتبار أنّه يفترض الحاجة في مورد الشكّ في القرينة المنفصلة إلى إجراء أصالة عدم القرينة أوّلاً ثمّ أصالة الظهور ، مع أنّ نفي القرينة المنفصلة عند احتمالها لا مبرِّر له عقلائياً إلاّكاشفية الظهور التصديقي عن إرادة مفاده وأنّ ما قاله يريده ، وهي كاشفية مساوقة لنفي القرينة المنفصلة.
وحيث إنّ الاصول العقلائية تعبِّر عن حيثياتٍ من الكشف المعتبرة عقلائياً ، وليست مجرّد تعبّداتٍ بحتةٍ فلا معنى حينئذٍ لافتراض أصالة [عدم] القرينة ؛ ثم أصالة الظهور ، بل يرجع إلى اصالة الظهور مباشرةً ؛ لأنّ كاشفيته هي المناط في نفي القرينة المنفصلة ، لا أنّها مترتبة على نفي القرينة بأصلٍ سابق.
وهكذا يتعيّن الاحتمال الثالث ، وعليه فإن عُلِم بعدم القرينة مطلقاً ، أو بعدم القرينة المتصلة خاصّةً مع الشكّ في المنفصلة رجعنا إلى أصالة الظهور ابتداءً.
[الشكّ في القرينة المتّصلة :]
وإن شكّ في القرينة المتصلة فهناك ثلاث صور :
الصورة الاولى : أن يكون الشكّ في وجودها لاحتمال غفلة السامع عنها ، وفي هذه الحالة تجري أصالة عدم الغفلة ؛ لأنّها على خلاف العادة وظهور الحال ، وبها تنفى القرينة ، وبالتالي ينقّح الظهور الذي هو موضوع الحجِّية. ونسمّي أصالة عدم الغفلة في هذه الصورة بأصالة عدم القرينة ؛ لأنّه بها تنتفي القرينة.
الصورة الثانية : أن يكون الشكّ في وجودها لاحتمال إسقاط الناقل لها.