وفي هذه الحالة يمكن نفيها بشهادة الراوي المفهومة من كلامه ـ ولو ضمناً ـ بأ نّه استوعب في نقله تمام ما له دخل في إفادة المرام ، وبذلك يحرز موضوع أصالة الظهور.
الصورة الثالثة : أن يكون الشكّ في وجودها غير ناشئ من احتمال الغفلة ، ولا من الإسقاط المذكور ، فلا يمكن الرجوع إلى أصالة الظهور ابتداءً ؛ للشكّ في موضوعها وهو الظهور التصديقي ، ولا يمكن تنقيح موضوعها بإجراء أصالة عدم القرينة ؛ لأنّه لا توجد حيثية كاشفة عقلائياً عن عدم القرينة المحتملة لكي يعتبرها العقلاء ويبنون على أصالة عدم القرينة ، وبهذا نعرف أنّ احتمال القرينة المتصلة في مثل هذه الحالة يوجب الإجمال.
وبما ذكرناه اتّضح أنّ أصالة الظهور وأصالة عدم القرينة كلّ منهما أصل عقلائي في مورده ، فالأول يجري في كلّ موردٍ أحرزنا فيه الظهور التصديقي وجداناً أو بأصلٍ عقلائي آخر ، والثاني يجري في كلّ موردٍ شكّ فيه في القرينة المتّصلة لاحتمال الغفلة ، ولا يرجع أحد الأصلين إلى الآخر ، خلافاً للشيخ الأنصاري (١) رحمهالله حيث أرجع أصالة الظهور إلى أصالة عدم القرينة ، ولصاحب الكفاية (٢) رحمهالله حيث أرجع أصالة عدم القرينة إلى أصالة الظهور.
الظهور الذاتيّ والظهور الموضوعي :
الظهور ـ سواء كان تصوّرياً أو تصديقياً ـ تارةً يراد به الظهور في ذهن إنسانٍ معيّن ، وهذا هو الظهور الذاتي ، واخرى يراد به الظهور بموجب علاقات
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١٣٥.
(٢) كفاية الاصول : ٣٢٩.