مستثنىً منه الفساق).

والقول الأوّل يدلّ على الاستثناء من الطبيعي ، والقول الثاني يدلّ على الاستثناء من شخص الحكم ، فإن رجعت الجملة الاستثنائية إلى مفاد القول الأول كان لها مفهوم ، وإن رجعت إلى مفاد القول الثاني لم يكن لها مفهوم ، وهذا هو الأصحّ ، كما مرّ في الغاية.

مفهوم الحصر :

لا شكّ في أنّ كلّ جملةٍ تدلّ على حصر حكمٍ بموضوعٍ تدلّ على المفهوم ؛ لأنّ الحصر يستبطن انتفاء الحكم المحصور عن غير الموضوع المحصور به ، والحصر بنفسه قرينة على أنّ المحصور طبيعيّ الحكم ، لا حكم ذلك الموضوع بالخصوص ، إذ لا معنى لحصره حينئذٍ ؛ لأنّ حكم الموضوع الخاصّ مختصّ بموضوعه دائماً. وما دام المحصور هو الطبيعيّ فمقتضى ذلك ثبوت المفهوم ، وهذا ممّا لا ينبغي الإشكال فيه ، وإنّما الكلام في تعيين أدوات الحصر : فمن جملة أدواته : كلمة (إنّما) فإنّها تدلّ على الحصر وضعاً بالتبادر العرفي.

ومن أدواته : جعل العامّ موضوعاً مع تعريفه ، والخاصّ محمولاً ، فيقال : (ابنك هو محمّد) بدلاً عن أن نقول : (محمّد هو ابنك) ، فإنّه يدلّ عرفاً على حصر البنوّة بمحمد.

والنكتة في ذلك : أنّ المحمول يجب أن يصدق ـ بحسب ظاهر القضية ـ على كلّ ما ينطبق عليه الموضوع ، ولا يتأتّى ذلك في فرض حمل الخاصّ على العامّ إلاّبافتراض انحصار العامّ بالخاصّ.

۶۰۸۱