الحكم الشرعيّ وتقسيماته
الأحكام التكليفية والوضعية :
قد تقدَّم في الحلقة السابقة (١) أنّ الأحكام الشرعية على قسمين : أحدهما الأحكام التكليفية ، والآخر الأحكام الوضعيّة ، وقد عرفنا سابقاً نبذةً عن الأحكام التكليفية. وأمّا الأحكام الوضعيّة فهي على نحوين :
الأوّل : ما كان واقعاً موضوعاً للحكم التكليفي ، كالزوجية الواقعة موضوعاً لوجوب الإنفاق ، والملكية الواقعة موضوعاً لحرمة تصرّف الغير في المال بدون إذن المالك.
الثاني : ما كان منتزعاً عن الحكم التكليفي ، كجزئيّة السورة للواجب المنتزعة عن الأمر بالمركّب منها ، وشرطيّة الزوال للوجوب المجعول لصلاة الظهر المنتزعة عن جعل الوجوب المشروط بالزوال.
ولا ينبغي الشكّ في أنّ القسم الثاني ليس مجعولاً للمولى بالاستقلال ، وإنّما هو منتزع عن جعل الحكم التكليفي ؛ لأنّه مع جعل الأمر بالمركّب من السورة وغيرها يكفي هذا الأمر التكليفيّ في انتزاع عنوان الجزئية للواجب من السورة ، وبدونه لا يمكن أن تتحقّق الجزئيّة للواجب بمجرّد إنشائها وجعلها مستقلاًّ.
وبكلمةٍ اخرى : أنّ الجزئية للواجب من الامور الانتزاعية الواقعية ؛ وإن كان وعاء واقعها هو عالم جعل الوجوب ، فلا فرق بينها وبين جزئيّة الجزء للمركّبات الخارجيّة من حيث كونها أمراً انتزاعياً واقعياً ؛ وإن اختلفت الجزئيتان في وعاء الواقع ومنشأ الانتزاع ، وما دامت الجزئية أمراً واقعياً فلا يمكن إيجادها
__________________
(١) ضمن مباحث التمهيد ، تحت عنوان : الحكم الشرعي وتقسيمه.