[رواية إعارة الثوب للذمّي :]

الرواية الرابعة : وهي رواية عبدالله بن سنان ، قال : سأل أبي أبا عبدالله عليه‌السلام وأنا حاضر : إنّي اعير الذمّيّ ثوبي وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، فيردّه عليَّ فأغسله قبل أن اصلّي فيه. فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «صلِّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنّك اعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن أنّه نجَّسه ، فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجَّسه» (١).

ولا شكّ في ظهور الرواية في النظر إلى الاستصحاب ، لاقاعدة الطهارة ، بقرينة أخذ الحالة السابقة في مقام التعليل ، إذ قال : «فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر» ، فتكون دالّةً على الاستصحاب.

نعم ، لا عموم في مدلولها اللفظي ، ولكن لايبعد التعميم باعتبار ورود فقرة الاستدلال مورد التعليل ، وانصراف فحواها إلى نفس الكبرى الاستصحابية المركوزة عرفاً.

هذا هو المهمّ من روايات الباب ، وهو يكفي لإثبات كبرى الاستصحاب.

وبعد إثبات هذه الكبرى يقع الكلام في عدّة مقامات ، إذ نتكلّم في روح هذه الكبرى وسنخها من حيث كونها أمارةً أو أصلاً ، وكيفية الاستدلال بها ، ثمّ في أركانها ، ثمّ في مقدار وحدود ما يثبت بها من آثار ، ثمّ في سعة دائرة الكبرى ومدى شمولها لكلّ مورد ، ثمّ في جملةٍ من التطبيقات التي وقع البحث العلمي فيها. فالبحث إذن يكون في خمسة مقاماتٍ كما يلي.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ : ٥٢١ ، الباب ٧٤ من ابواب النجاسات ، الحديث الأوّل.

۶۰۸۱