اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه
وقع البحث في أنّ وجوب شيءٍ هل يقتضي حرمة ضدّه ، أوْ لا؟ ويراد بالضدّ : المنافي على نحوٍ يشمل الضدّ العامّ والضدّ الخاصّ. ويراد بالاقتضاء :
استحالة ثبوت وجوب الشيء مع انتفاء حرمة ضدّه ، سواء كانت هذه الاستحالة ناشئةً من أنّ أحدهما عين الآخر ، أو من أنّ أحدهما جزء الآخر ، أو من الملازمة بينهما.
والمشهور في الضدّ العامّ هو القول بالاقتضاء ، وإن اختلف في وجهه :
فقال البعض (١) : إنّه بملاك العينية ، وهو غريب ؛ لأنّ الوجوب غير التحريم ، فكيف يقال بالعينية؟
وقد يوجّه ذلك : تارةً بأنّ وجوب الشيء عين حرمة الضدّ العامّ في مقام التأثير لا عينه في عالم الحكم والإرادة. فكما أنّ حرمة الضدّ العامّ تبعِّد عنه كذلك وجوب الشيء يبعِّد عن ضده العام بنفس مقرِّبيته نحو الفعل ومحرّكيته إليه.
وتارةً اخرى بأنّ النهي عن الشيء عبارة عن طلب نقيضه ، فالنهي عن الترك عبارة عن طلب نقيضه ، وهو الفعل ، فصحّ أن يقال : إنّ الأمر بالفعل عين النهي عن الضدّ العامّ.
ويرد على التوجيه الأول : أنّه لا يفي بإثبات حرمة الضدّ حقيقة. وعلى التوجيه الثاني : أنّه يرجع إلى مجرّد التسمية ، هذا ، مضافاً إلى أنّ النهي عن شيءٍ معناه الزجر عنه ، لا طلب نقيضه.
__________________
(١) نسبه الميرزا الرشتي في بدائع الأفكار : ٣٨٧ ، إلى بعض المحقّقين.