استصحاب بقاء العدالة مع أنّ موضوعها غير محرز؟
وهذه الاستشكالات نشأت من الصياغة المذكورة ، وهي لا مبرِّر لها. ومن هنا عدل صاحب الكفاية (١) عنها إلى القول بأنّ المعتبر في الاستصحاب وحدة القضية المتيقّنة والمشكوكة ، وهي محفوظة في موارد الاستشكال الآنفة الذكر ، وأمّا افتراض المستصحَب عرضاً وافتراض موضوعٍ له واشتراط إحراز بقائه فلا موجب لذلك.
ثانياً : تطبيقه في الشبهات الحكمية :
وعند تطبيق هذا الركن على الاستصحاب في الشبهات الحكمية نشأت بعض المشاكل ايضاً ، إذ لوحظ أنّا حين نأخذ بالصياغة الثانية له ـ التي اختارها صاحب الكفاية ـ نجد أنّ وحدة القضية المتيقّنة والمشكوكة لا يمكن افتراضها في الشبهة الحكمية إلاّفي حالات الشكّ في النسخ بمعنى إلغاء الجعل ، أي النسخ بمعناه الحقيقي. وأمّا حيث لا يحتمل النسخ فلا يمكن أن ينشأ شكّ في نفس القضية المتيقّنة ، وإنّما يشك في بقاء حكمها حينئذٍ إذا تغيّرت بعض القيود والخصوصيات المأخوذة فيها ، وذلك بأحد وجهين :
إمّا بأن تكون خصوصية ما دخيلةً يقيناً في حدوث الحكم ويشكّ في إناطة بقائه ببقائها ، فترتفع الخصوصية ويشكّ حينئذٍ في بقاء الحكم ، كالشكّ في نجاسة الماء بعد زوال تغيّره.
وإمّا بأن تكون خصوصية ما مشكوكةَ الدخل من أول الأمر في ثبوت الحكم ، فيفرض وجودها في القضية المتيقّنة ، إذ لا يقين بالحكم بدونها ، ثمّ ترتفع
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٨٦.