لو حظت فيه أهمّية المحتمل عند التزاحم بين الملاكات الواقعية في مقام الحفظ التشريعي عند الاختلاط والاشتباه ، بينما لوحظت في أدلّة الحجّية الأهمّية الناشئة من قوة الاحتمال محضاً. وقد عرفنا سابقاً أنّ هذه النكتة تفي بتفسير ما تتميّز به الأمارة على الأصل من حجّية مثبتاتها.
الاصول العملية الشرعية والعقلية :
وتنقسم الاصول العملية إلى شرعية ، وعقلية. فالشرعية : هي ما كنّا نقصده آنفاً ، ومردّها إلى أحكامٍ ظاهريةٍ شرعيةٍ نشأت من ملاحظة أهمّية المحتمل.
والعقلية : وظائف عملية عقلية ، ومردّها ـ في الحقيقة ـ إلى حقّ الطاعة إثباتاً ونفياً ، فحكم العقل ـ مثلاً ـ بأنّ «الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني» مرجعه إلى أنّ حق الطاعة للمولى الذي يستقلّ به العقل إنمّا هو حقّ الطاعة القطعية ، فلا تفي الطاعة الاحتمالية بحقّ المولى. وحكم العقل بقاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ ـ على مسلك المشهور ـ مرجعه إلى تحديد دائرة حقّ الطاعة في التكاليف المعلومة خاصّةً ، بينما يرجع حكم العقل بمنجِّزية التكاليف المحتملة عندنا إلى توسعة دائرة حقّ الطاعة ، وهكذا.
وللقسمين مميّزات يمكن ذكر جملةٍ منها في مايلي :
أولاً : أنّ الاصول العملية الشرعية أحكام شرعية ، والاصول العملية العقلية ترجع إلى مدركات العقل العملي فيما يرتبط بحقّ الطاعة.
ثانياً : انّه ليس من الضروري أن يوجد أصل عملي شرعي في كلّ مورد ، وإنّما هو تابع لدليله. فقد يوكِل الشارع أمر تحديد الوظيفةالعملية للشاكِّ إلى عقله العملي ، وهذا خلافاً للأصل العملي العقلي ، فإنّه لابدّ من افتراضه بوجهٍ في كلّ