تتحقّق التماميّة والنقصان.
والتحقيق : أنّ التماميّة والنقصان من شؤون النسبة في عالم الذهن لا في عالم الخارج. ف (مفيد) و (عالم) تكون النسبة بينهما تامةً إذا جعلنا منهما مبتدأً وخبراً ، وناقصةً إذا جعلنا منهما موصوفاً ووصفاً. وجعل (مفيد) مبتدأً تارةً وموصوفاً اخرى أمر ذهني لا خارجي ؛ لأنّ حاله في الخارج لا يتغيّر ، كما هو واضح.
وتكون النسبة في الذهن تامةً إذا جاءت إلى الذهن ووجدت بما هي نسبة فعلاً ، وهذا يتطلّب أن يكون لها طرفان متغايران في الذهن ، إذ لا نسبة بدون طرفين. وتكون النسبة ناقصةً إذا كانت اندماجيّةً تدمج أحد طرفيها بالآخر وتكوّن منهما مفهوماً أفرادياً واحداً وحصّةً خاصّة ، إذ لا نسبة حينئذٍ حقيقة في صقع الذهن الظاهر ، وإنّما هي مستترة وتحليلية. ومن هنا قلنا سابقاً (١) : إنّ الحروف وهيئات الجمل الناقصة موضوعة لنسبٍ اندماجية ، أي تحليلية ، وإنّ هيئات الجمل التامة موضوعة لنسبٍ غير اندماجية.
الجملة الخبرية والإنشائية :
وتنقسم الجملة التامّة إلى (خبريةٍ) و (إنشائية) ، ولا شكّ في اختلاف إحداهما عن الاخرى حتى مع اتّحاد لفظيهما ، كما في (بعتُ) الخبرية و (بعتُ) الإنشائية ، فضلاً عن (أعاد) و (أعد) ، وقد وُجدتْ عدّة اتّجاهاتٍ في تفسير هذا الاختلاف :
__________________
(١) في الحلقة الاولى ، ضمن تمهيد بحث الدلالة ، تحت عنوان : الجملة التامّة والجملةالناقصة.