شبهة انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين :

بقي علينا أن نشير إلى أنّ ما اخترناه وإن كان قريباً جدّاً من القول الثالث الذي ذهب اليه صاحب الكفاية غير أنّه ـ قدّس الله نفسه ـ قد فسّر موقفه واستدلّ على قوله ببيانٍ يختلف بظاهره عمّا ذكرناه ، إذ قال : بأنّ استصحاب عدم الكرّية إنمّا لا يجري في حالة الجهل بالزمانين ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، وقد فُسِّر هذا الكلام بما يمكن توضيحه كما يلي :

إذا افترضنا أنّ الماء كان قليلاً قبل الزوال ثمّ مرّت ساعتان حدثت في إحداهما الكرّية وفي الاخرى الملاقاة للنجاسة فهذا يعني أنّ كلاًّ من حدوث الكرّية والملاقاة معلوم في إحدى الساعتين بالعلم الإجمالي ، فهناك معلومان إجماليّان ، وإحدى الساعتين زمان أحدهما ، والساعة الاخرى زمان الآخر ، وعليه فالملاقاة المعلومة إذا كانت قد حدثت في الساعة الثانية فقد حدثت الكرّية المعلومة في الساعة الاولى ، واستصحاب عدم الكرّية إلى زمان الملاقاة على هذا التقدير يعني أنّ زمان الشكّ الذي يراد جرّعدم الكرّية اليه هو الساعة الثانية ، وزمان اليقين بعدم الكريّة هو ما قبل الزوال ، وأمّا الساعة الاولى فهي زمان الكرّية المعلومة إجمالاً ، وهذا يؤدّي إلى انفصال زمان اليقين بعدم الكرّية عن زمان الشكّ فيه بزمان اليقين بالكرّية ، وما دام هذا التقدير محتملاً فلا يجري الاستصحاب ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين.

ونلاحظ على ذلك :

أوّلاً : أنّ الساعة الاولى على هذا التقدير هي زمان الكرّية واقعاً ، لا زمان الكرّية المعلومة بما هي معلومة ؛ لأنّ العلم بالكرّية كان على نحو العلم الإجمالي من ناحية الزمان ، وهو علم بالجامع فلا احتمال للانفصال إطلاقاً.

وثانياً : أنّ البيان المذكور لو تمّ لمنع عن جريان استصحاب عدم الكرّية

۶۰۸۱