المستعمل بإفادة التكثّر بنفس مدلول الخطاب.
البرهان الثاني : أنّ قرينة الحكمة ناظرة ـ كما تقدّم في بحث الإطلاق ـ إلى المدلول التصديقيّ الجدّي ، فهي تُعيِّن المراد التصديقي ، ولا تساهم في تكوين المدلول التصوري. وأداة العموم تدخل فى تكوين المدلول التصوريّ للكلام ، فلو قيل بأنّها موضوعة لاستيعاب المراد من المدخول الذي تعيّنه قرينة الحكمة ـ وهو المدلول التصديقي ـ كان معنى ذلك ربط المدلول التصوريّ للأداة بالمدلول التصديقيّ لقرينة الحكمة ، وهذا واضح البطلان ؛ لأنّ المدلول التصوريّ لكلّ جزءٍ من الكلام إنّما يرتبط بما يساويه من مدلول الأجزاء الاخرى ، أي بمدلولاتها التصورية ، ولا شكّ في أنّ للأداة مدلولاً تصوّرياً محفوظاً حتى لو خلا الكلام الذي وردت فيه من المدلول التصديقي نهائياً ـ كما في حالات الهزل ـ فكيف يناط مدلولها الوضعيّ بالمدلول التصديقي؟
العموم بلحاظ الأجزاء والأفراد :
يلاحظ أنّ كلمة (كلّ) ـ مثلاً ـ ترد على النكرة فتدلّ على العموم والاستيعاب لأفراد هذه النكرة. وترد على المعرفة فتدلّ على العموم والاستيعاب أيضاً ، لكنّه استيعاب لأجزاء مدلول تلك المعرفة لا لأفرادها. ومن هنا اختلف قولنا : (اقرأ كلّ كتاب) عن قولنا : (اقرأ كلّ الكتاب) ، وعلى هذا الأساس يطرح السؤال التالي :
هل أنّ لأداة العموم وضعين لنحوين من الاستيعاب؟ وإلاّ كيف فهم منها في الحالة الاولى استيعاب الأفراد وفي الحالة الثانية استيعاب الأجزاء؟
وقد أجاب المحقّق العراقي (١) رحمهالله على هذا السؤال : بأنّ (كلّ) تدلّ على
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٤٣٣.