ويلاحظ على ذلك :

أولاً : أنّه من قال بأنّ الغرض ليس مردّداً بين الأقلّ والأكثر كنفس الواجب ، بأن يكون ذا مراتب ، وبعض مراتبه تحصل بالأقلّ ولا تستوفى كلّها إلاّ بالأكثر ، ويشكّ في أنّ الغرض الفعلي قائم ببعض المراتب أو بكلها ، فيجري عليه نفس ماجرى على الواجب؟

وثانياً : أنّ الغرض إنّما يتنجّز عقلاً بالوصول إذا وصل مقروناً بتصدّي المولى لتحصيله التشريعي ، وذلك بجعل الحكم على وفقه أو نحو ذلك. فما لم يثبت هذا التصدّي التشريعي بالنسبة إلى الأكثر بمنجِّز وما دام مؤمَّناً عنه بالأصل فلا أثر لاحتمال قيام ذات الغرض بالأكثر.

البرهان الثالث : [دعوى كون الشكّ في سقوط الأقلّ]

إنّ وجوب الأقلّ منجّز بحكم كونه معلوماً ، وهو مردّد ـ بحسب الفرض ـ بين كونه استقلالياً أو ضمنياً ، وفي حالة الاقتصار على الإتيان بالأقلّ يسقط هذا الوجوب المعلوم على تقدير كونه استقلالياً ؛ لحصول الامتثال ، ولا يسقط على تقدير كونه ضمنياً ؛ لأنّ الوجوبات الضمنية مترابطة ثبوتاً وسقوطاً ، فما لم تمتثل جميعاً لا يسقط شيء منها. وهذا يعني أنّ المكلّف الآتي بالأقل يشكّ في سقوط وجوب الأقلّ والخروج عن عهدته فلابدّ له من الاحتياط ، وليس هذا الاحتياط بلحاظ احتمال وجوب الزائد حتى يقال : إنّه شكّ في التكليف ، بل إنّما هو رعاية للتكليف بالأقلّ المنجَّز بالعلم واليقين ؛ نظراً إلى أنّ «الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني».

والجواب على ذلك : أنّ الشكّ في سقوط تكليفٍ معلومٍ إنمّا يكون مجرىً لأصالة الاشتغال فيما إذا كان بسبب الشكّ في الإتيان بمتعلّقه ، وهذا غير حاصلٍ

۶۰۸۱