الاتّجاهات في تفسير العلم الإجمالي :
ويمكن تلخيص الاتّجاهات في تفسير العلم الإجمالي في ثلاثة مبانٍ :
الأول : المبنى القائل بأنّ العلم الإجمالي علم تفصيليّ بالجامع مقترن بشكوكٍ تفصيليةٍ بعدد أطراف ذلك العلم ، وهذا ما اختاره المحقّقان النائيني (١) والإصفهاني (٢).
وهذا المبنى يشتمل على جانبٍ إيجابيٍّ وهو اشتمال العلم الإجمالي على العلم بالجامع ، وهذا واضح بداهةً ، وعلى جانبٍ سلبيٍّ وهو عدم تعدّي العلم من الجامع.
وبرهانه : أنّه لو فرض وجود علم يزيد على العلم بالجامع فهو : إمّا أن يكون بلا متعلّق ، أو يكون متعلّقاً بالفرد بحدِّه الشخصي المعيّن ، أو بالفرد بحدٍّ شخصيٍّ مردّدٍ بين الحدّين أوالحدود ، والكلّ باطل.
أمّا الأوّل فلأنّ العلم صفة ذات الإضافة ، فلا يعقل فرض انكشافٍ بلا منكشف.
وأمّا الثاني فلبداهة أنّ العالم بالإجمال لا يعلم بهذا الطرف بعينه ، ولابذاك بعينه.
وأمّا الثالث فلأنّ المردّد إن اريد به مفهوم المردّد فهذا جامع انتزاعي ، والعلم به لا يعني تعدّي العلم عن الجامع. وإن اريد به واقع المردّد فهو ممّا لا يعقل ثبوته فكيف يعقل العلم به ؛ لأنّ كلّ ما له ثبوت فهو متعيّن بحدِّ ذاته في افق ثبوته؟
الثاني : المبنى القائل بأنّ العلم في موارد العلم الإجمالي يسري من الجامع
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ١٠ ـ ١٢.
(٢) نهاية الدراية ٤ : ٢٣٧.