٤ ـ دوران الواجب بين التعيين والتخيير الشرعي
ونتكلّم في حكم هذا الدوران على عدّة مبانٍ في تصوير التخيير الشرعي الذي هو أحد طرفي الترديد في المقام :
فأولاً : نبدأ بالمبنى القائل : بأنّ مرجع التخيير الشرعي إلى وجوبين مشروطين وشرط كلٍّ منهما ترك متعلّق الآخر ، وهذا يعني أنّ «العتق» ـ مثلاً ـ الذي علم وجوبه إمّا تعييناً أو تخييراً واجب في حالة ترك «الإطعام» بلا شك ، ويشكّ في وجوبه حالة وقوع الإطعام ، فتجري البراءة عن هذا الوجوب ، وينتج ذلك التخيير عملياً.
وقد يقال كما في بعض إفادات المحقّق العراقي (١) : إنّ كلاًّ من الوجوب التعييني للعتق والوجوب التخييري فيه حيثية إلزامية يفقدها الآخر ، فيكون كلّ منهما مجرىً للأصل النافي ويتعارض الأصلان.
أمّا الحيثية الإلزامية في الوجوب التعييني للعتق التي يجري الأصل النافي للتأمين عنها فهي الإلزام بالعتق حتّى ممّن أطعم ، وهي حيثية لا يشتمل عليها الوجوب التخييري.
وأمّا الحيثية الإلزامية في الوجوب التخييري للعتق أو الإطعام التي يجري الأصل النافي للوجوب التخييري تأميناً عنها فهي تحريم ضمِّ ترك الإطعام إلى ترك العتق ، إذ بهذا الضمِّ تتحقّق المخالفة ، وهي حيثية لا يشتمل عليها الوجوب التعييني للعتق ، إذ على الوجوب التعييني تكون المخالفة متحقّقةً بنفس ترك العتق ،
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩.