العدالة جزءاً من الموضوع يلزم أن لا يكون تمام الموضوع بيّناً ، إذ لا يوجد ما يدلّ على قيد العدالة. ومجرّد أنّ الفقير العادل هو المتيقّن في الحكم لا يعني أخذ قيد العدالة في الموضوع ، فقرينة الحكمة تقتضي ـ إذن ـ عدم دخل قيد العدالة حتّى في هذه الحالة.
وبذلك يتّضح أنّ قرينة الحكمة ـ أي ظهور الكلام في الإطلاق ـ لا تتوقّف على عدم المقيّد المنفصل ، ولا على عدم القدر المتيقّن ، بل على عدم ذكر القيد متّصلاً.
هذا هو البحث في أصل الإطلاق وقرينة الحكمة.
وتكميلاً لنظرية الإطلاق لا بدّ من الإشارة إلى عدّة تنبيهات :
[تنبيهات حول الإطلاق :]
التنبيه الأوّل : أنّ أساس الدلالة على الإطلاق ـ كما عرفت ـ هو الظهور الحاليّ السياقي ، وهذا الظهور دلالته تصديقية. ومن هنا كانت قرينة الحكمة الدالّة على الإطلاق ناظرةً إلى المدلول التصديقيّ للكلام ابتداءً ولا تدخل في تكوين المدلول التصوري ، خلافاً لِمَا إذا قيل بأنّ الدلالة على الإطلاق وضعية ؛ لأخذه قيداً في المعنى الموضوع له ، فإنّها تدخل حينئذٍ في تكوين المدلول التصوري.
التنبيه الثاني : أنّ الإطلاق تارةً يكون شمولياً يستدعي تعدّد الحكم بتعدّد ما لِطَرفه من أفراد ، واخرى بدلياً يستدعي وحدة الحكم. فإذا قيل : (أكرم العالم) كان وجوب الإكرام متعدّداً بتعدّد أفراد العالم ، ولكنّه لا يتعدّد في كلِّ عالمٍ بتعدّد أفراد الإكرام.
وقد يقال : إنّ قرينة الحكمة تنتج تارةً الإطلاق الشمولي ، واخرى الإطلاق البدلي.