ذلك أمر بيِّن ، وإلاّ فإنّه على يقينٍ من وضوئه ، ولاتنقض اليقين أبداً بالشكّ ، وإنمّا تنقضه بيقينٍ آخر» (١).
وتقريب الاستدلال : أنّه حكم ببقاء الوضوء مع الشكّ في انتقاضه تمسّكاً بالاستصحاب ، وظهور التعليل في كونه بأمرٍ عرفيٍّ مركوزٍ يقتضي كون الملحوظ فيه كبرى الاستصحاب المركوزة ، لا قاعدة مختصّة باب الوضوء ، فيتعيّن حمل اللام في اليقين والشكّ على الجنس ، لا العهد إلى اليقين والشكّ في باب الوضوء خاصّة. وقد تقدم في الحلقة السابقة (٢) تفصيل الكلام عن فقه فقرة الاستدلال وتقريب دلالتها وإثبات كلِّيتها ، فلاحظ.
[رواية دم الرعاف :]
الرواية الثانية : وهي رواية اخرى لزرارة كما يلي :
١ ـ قلت : أصاب ثوبي دم رعاف (أو غيره) أو شيء من منيّ ، فعلَّمت أثره إلى أن اصيب له (من) الماء ، فأصبت وحضرت الصلاة ، ونسيت أنّ بثوبي شيئاً ، وصلّيت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟ قال : «تعيد الصلاة وتغسله».
٢ ـ قلت : فإنّي لم أكن رأيت موضعه ، وعلمت أنّه قد أصابه ، فطلبته فلم أقدر عليه ، فلمّا صلّيت وجدته؟ قال : «تغسله وتعيد الصلاة».
٣ ـ قلت : فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتيقّن ذلك ، فنظرت فلم أرَ شيئاً ، ثم صلّيت فرأيت فيه؟. قال : «تغسله ولا تعيد الصلاة». قلت : ولم ذلك؟ قال : «لأنّك كنت على يقينٍ من طهارتك ثمّ شككت ، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ ، الباب الأوّل من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث الأوّل.
(٢) تحت عنوان : أدلّة الاستصحاب.