ومن الواضح أنّ قوة الاحتمال المؤثِّرة في اهتمام المولى إنّما هي قوة احتماله ، لا قوة احتمال المكلف ، فمن هنا تُناط الحجّية بحيثية الكشف الملحوظة للمولى ـ وهي الظهور ـ لا بالظنّ الفعلي لدى المكلف.
وعلى هذا الأساس اختلف مجال الأغراض التكوينية عن مجال علاقات الآمرين بالمأمورين ، إذ المناط في المجال الأول كاشفية الظهور لدى نفس العامل به ، فقد يكون منوطاً بحصول الظنّ له ، والمناط في المجال الثاني مقدار كشفه لدى الآمر الموجب لشدّة اهتمامه الداعية إلى جعل الحجِّية.
الخلط بين الظهور والحجّية :
اتّضح ممّا تقدم أنّ مرتبة الظهور التصوري متقوّمة بالوضع ، ومرتبة الظهور التصديقي بلحاظ الدلالة التصديقية الاولى والدلالة التصديقية الثانية متقوّمة بعدم القرينة المتصلة ؛ لأنّ ظاهر حال المتكلّم أنّه يفيد مراده بشخص كلامه ، فاذا كانت القرينة متصلةً دخلت في شخص الكلام ولم يكن إرادة ما تقتضيه منافياً للظهور الحالي. وأمّا عدم القرينة المنفصلة فلا دخل له في أصل الظهور ، وليس مقوِّماً له ، وإنّما هو شرط في استمرار الحجّية بالنسبة إليه.
ومن هنا يتّضح وجه الخلط في كلمات جملةٍ من الأكابر الموهِمة ؛ لوجود ثلاث رتبٍ من الظهور كلّها سابقة على الحجّية ، ككلام المحقّق النائيني (١) رحمهالله.
الاولى : مرتبة الظهور التصوري.
الثانية : مرتبة الظهور التصديقي على نحوٍ يسوِّغ لنا التأكيد على أنّه قال كذا وفقاً لهذا الظهور.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٢٩ ـ ٥٣٠.