مأمور بها بالأمر الترتّبي ، وهو أمر محقَّق فعلاً في حقّ من لا يمارس فعلاً امتثال الأهمّ.
وأمّا إذا أخذنا بوجهة نظر صاحب الكفاية رحمهالله القائل بأنّ الأمرين بالضدّين لا يجتمعان ولو على وجه الترتّب فمن الصعب تصحيح الصلاة المذكورة ؛ لأنّ صحّتها فرع ثبوت أمرٍ بها ، ولا أمر بها ولو على وجه الترتّب بناءً على وجهة النظر المذكورة.
فإن قيل : يكفي في صحّتها وفاؤها بالملاك وإن لم يكن هناك أمر.
كان الجواب : أنّ الكاشف عن الملاك هو الأمر ، فحيث لا أمر لا دليل على وجود الملاك.
ما هو الضدّ؟
عرفنا أنّ الأمر بشيءٍ مقيّد عقلاً بعدم الاشتغال بضدّه الذي لا يقلّ عنه أهمّية ، وانتهينا من ذلك إلى أنّ وقوع التضادّ بين واجبين بسبب عجز المكلّف عن الجمع بينهما لا يؤدِّي إلى التعارض بين دليليهما. والآن نتساءل : ماذا نريد بهذا التضاد؟
والجواب : أنّنا نريد بذلك حالات عدم إمكان الاجتماع الناشئة من ضيق قدرة المكلف ، ولكن لا ينطبق هذا على كلّ ضدٍّ فهو :
أولاً : لا ينطبق على الضدّ العام ؛ أي النقيض ؛ وذلك لأنّ الأمر بأحد النقيضين يستحيل أن يكون مقيداً بعدم الاشتغال بنقيضه ؛ لأنّ فرض عدم الاشتغال بالنقيض يساوق ثبوت نقيضه ، ويكون الأمر به حينئذٍ تحصيلاً للحاصل ، وهو محال.
ومن هنا نعرف أنّ النقيضين لا يعقل جعل أمرٍ بكلٍّ منهما لا مطلقاً ولا مقيّداً