دلالة الأوامر الاضطرارية والظاهرية على الإجزاء
لا شكّ في أنّ الأصل اللفظي في كلّ واجبٍ لدليله إطلاق أنّه لا يجزي عنه شيء آخر ؛ لأنّ إجزاءه عنه معناه كونه مسقِطاً ، ومرجع مسقطيّة غير الواجب للواجب أخذ عدمه قيداً في الوجوب ، وهذا التقييد منفيّ بإطلاق دليل الواجب. وهذا ما قد يسمّى بقاعدة عدم الإجزاء.
ولكن يدّعى الخروج عن هذه القاعدة في بعض الحالات استناداً إلى ملازمةٍ عقلية ، كما في حالة الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري ، إذ قد يقال بأنّ الأمر الاضطراري أو الظاهري يدلّ دلالةً التزاميةً عقليةً على إجزاء متعلّقه عن الواجب الواقعي ؛ على أساس وجود ملازمةٍ بين جعله وبين نكتةٍ تقتضي الإجزاء. والتفصيل كما يلي :
دلالة الأوامر الاضطرارية على الإجزاء عقلاً :
إذا تعذّر الواجب الأصلي على المكلّف فامِر بالميسور اضطراراً ، كالعاجز عن القيام تشرع في حقّه الصلاة من جلوسٍ ، فتارةً يكون الأمر الاضطراري مقيّداً باستمرار العذر في تمام الوقت ، واخرى يكون ثابتاً بمجرّد عدم التمكّن في أول الوقت.
ولنبدأ بالثاني فنقول : إذا بادر المريض فصلّى جالساً في أول الوقت ، ثمّ ارتفع العذر في أثناء الوقت فلا تجب عليه الإعادة.
والبرهان على ذلك : أنّ المفروض أنّ الصلاة من جلوسٍ التي وقعت منه في أوّل الوقت كانت مصداقاً للواجب بالأمر الاضطراري.