فإن قيل : ألا تحصل المخالفة القطعية لو ترك المركّب رأساً؟!
قلنا : نعم تحصل ، ولكنّ هذا ممّا لا إذن فيه من قبل الأصلين حتى لو جَرَيا معاً.
ولكن يمكن أن يقال على ضوء صيغة الميرزا : إنّ المخالفة القطعية للعلم الإجمالي المذكور ممكنة أيضاً فيما إذا كان الشيء المردّد بين الجزء والمانع متقوّماً بقصد القربة على تقدير الجزئية ، فإنّ المخالفة القطعية حينئذٍ تحصل بالإتيان به بدون قصد القربة ، ويكون جريان الأصلين معاً مؤدِّياً إلى الإذن في ذلك ، فيتعارض الأصلان ويتساقطان.
٣ ـ الأقلّ والأكثر في المحرّمات :
كما قد يعلم إجمالاً بواجبٍ مردّدٍ بين التسعة والعشرة كذلك قد يعلم بحرمة شيءٍ مردّدٍ بين الأقلّ والأكثر ، كما إذا علم بحرمة تصوير رأس الحيوان أو تصوير كامل حجمه ، ويختلف الدوران المذكور في باب الحرام عنه في باب الواجب من بعض الجهات :
فأوّلاً : وجوب الأكثر هناك كان هو الأشدّ مؤونةً ، وأمّا حرمة الأكثر هنا فهي الأخفّ مؤونةً ، إذ يكفي في امتثالها ترك أيّ جزء ، فحرمة الأكثر في باب الحرام تناظر إذن وجوب الأقلّ في باب الواجب.
وثانياً : أنّ دوران الحرام بين الأقلّ والأكثر يشابه دوران أمر الواجب بين التعيين والتخيير ؛ لأنّ حرمة الأكثر في قوة وجوب ترك أحد الأجزاء تخييراً ، وحرمة الأقلّ في قوة وجوب ترك هذا الجزء بالذات تعييناً ، فالأمر دائر بين وجوب ترك أحد الأجزاء ووجوب ترك هذا الجزء بالذات ، وهذا يشابه دوران الواجب بين التعيين والتخيير ، لا الدوران بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء أو