كان الجواب : أنّ «الباء» هنا لا يراد بها النهي عن النقض بسبب الشكّ ، وإلاّ لَلَزم إمكان النقض بالقرعة أو الاستخارة ، بل يراد بذلك أنّه لا نقض في حالة الشكّ ، وهي محفوظة في المقام.
الشبهات الحكمية في ضوء الركن الثاني :
وقد يقال : إنّ الركن الثاني يستدعي عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية ، كما إذا شكّ في بقاء نجاسة الماء أو حرمة المقاربة بعد زوال التغيّر أو النقاء من الدم ؛ وذلك لأنّ النجاسة والحرمة وكلّ حكمٍ شرعيٍّ ليس له وجود وثبوت إلاّبالجعل ، والجعل آنيّ دفعي ؛ فكل المجعول يثبت في عالم الجعل في آنٍ واحدٍ من دون أن يكون البعض منه بقاءً للبعض الآخر ومترتّباً عليه زماناً ، فنجاسة الماء المتغيّر بتمام حصصها وحرمة مقاربة المرأة بتمام حصصها متقارنة زماناً في عالم الجعل ، وعليه فلا شكّ في البقاء ، بل ولا يقين بحدوث المشكوك أصلاً ، بل المتيقن حصّة من الجعل والمشكوك حصّة اخرى منه ، فلا يجري استصحاب النجاسة أو الحرمة.
وهذا الكلام مبنيّ على ملاحظة عالم الجعل فقط ، فإنّ حصص المجعول فيه متعاصرة ، بينما ينبغي ملاحظة عالم المجعول ، فإنّ النجاسة بما هي صفة للماء المتغيّر الخارجي لها حدوث وبقاء ، وكذلك حرمة المقاربة بما هي صفة للمرأة الحائض الخارجية ، فيتمّ بملاحظة هذا العالم اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ويجري الاستصحاب.
ج ـ وحدة القضية المتيقّنة والمشكوكة :
وهذا هو الركن الثالث. والوجه في ركنيّته : أنّه مع تغاير القضيّتين لا يكون الشكّ شكّاً في البقاء ، بل في حدوث قضيةٍ جديدة ، ومن هنا يعلم بأنّ هذا ليس