الاحتمال والمحتمل ، كان الحكم من الاصول العملية التنزيلية أو المحرزة ، كقاعدة الفراغ.

نعم ، الأنسب في موارد التقديم بلحاظ قوّة الاحتمال أن يصاغ الحكم الظاهريّ بلسان جعل الطريقية. والأنسب في موارد التقديم بلحاظ قوة المحتمل أن يصاغ بلسان تسجيل الوظيفة ، لا أنّ هذا الاختلاف الصياغيّ هو جوهر الفرق بين الأمارات والاصول.

التنافي بين الأحكام الظاهرية :

عرفنا سابقاً (١) أنّ الأحكام الواقعية المتغايرة نوعاً ـ كالوجوب والحرمة والإباحة ـ متضادّة ، وهذا يعني أنّ من المستحيل أن يثبت حكمان واقعيّان متغايران على شيءٍ واحد ، سواء علم المكلّف بذلك ، أوْ لا ؛ لاستحالة اجتماع الضدّين في الواقع.

والسؤال هنا هو : أنّ اجتماع حكمين ظاهريّين متغايرين نوعاً هل هو معقول ، أوْ لا؟ فهل يمكن أن يكون مشكوك الحرمة حراماً ظاهراً ومباحاً ظاهراً في نفس الوقت؟

والجواب على هذا السؤال يختلف باختلاف المبنى في تصوير الحكم الظاهريّ والتوفيق بينه وبين الأحكام الواقعية. فإن أخذنا بوجهة النظر القائلة بأنّ مبادئ الحكم الظاهريّ ثابتة في نفس جعله لا في متعلّقه أمكن جعل حكمين ظاهريّين بالإباحة والحرمة معاً ، على شرط أن لا يكونا واصلين معاً ، فإنّه في حالة عدم وصول كليهما معاً لا تنافي بينهما ، لا بلحاظ نفس الجعل ؛ لأنّه مجرّد

__________________

(١) الحلقة الثانية ، ضمن مباحث التمهيد ، تحت عنوان : التضادّ بين الأحكام التكليفيّة.

۶۰۸۱