سابقاً ـ في البحث عن القضايا الحقيقية والخارجية ـ من كفاية ذلك في إصدار الحكم على الخارج.
وأمّا الغرض من إحضار المفهوم الثالث الذي هو بإزاء النسبة الخارجية والربط المخصوص بين النار والموقد فهو الحصول على حقيقة النسبة والربط ؛ لكي يحصل الارتباط حقيقةً بين المفاهيم في الذهن. ولا يكفي أن يكون المفهوم المنتزع بإزاء النسبة نسبةً بالنظر التصوّري والحمل الأوّلي ـ أي مفهوم النسبة ـ وليس كذلك بالحمل الشائع والنظر التصديقي ، إذ لا يتمّ حينئذٍ ربط بين المفاهيم ذهناً.
وبذلك يتّضح أول فرقٍ أساسيٍّ بين المعنى الاسميّ والمعنى الحرفي ، وهو أنّ الأوّل سنخ مفهومٍ يحصل الغرض من إحضاره في الذهن بأن يكون عين الحقيقة بالنظر التصوّري ، والثاني سنخ مفهومٍ لا يحصل الغرض من إحضاره في الذهن إلاّبأن يكون عين حقيقته بالنظر التصديقي.
وهذا معنىً عميق لإيجادية المعاني الحرفية ، بأن يراد بإيجادية المعنى الحرفيّ كونه عين حقيقة نفسه ، لا مجرّد عنوانٍ ومفهومٍ يُري الحقيقة تصوّراً ويغايرها حقيقة ، والأنسب أن تحمل إيجادية المعاني الحرفية التي قال بها المحقّق النائيني (١) على هذا المعنى ، لا على ما تقدّم في الحلقة السابقة (٢) من أنّها بمعنى إيجاد الربط الكلامي.
المرحلة الثانية : أنّ تكثّر النوع الواحد من النسبة كنسبة الظرفية ـ مثلاً ـ لا يعقل إلاّمع فرض تغاير الطرفين ذاتاً ، كما في نسبة (النار) إلى (الموقد) ، ونسبة (الكتاب) إلى (الرفّ). أوموطناً ، كما في نسبة الظرفية بين (النار) و (الموقد)
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٣٧.
(٢) ضمن التمهيد لبحث الدليل الشرعي اللفظي ، تحت عنوان : تصنيف اللغة.