لذلك الماء.
ففي الحالة الاولى لا شكّ في توفّر اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ، فيجري الاستصحاب.
وأمّا في الحالة الثانية فقد يستشكل في جريان الاستصحاب في الجزء بدعوى عدم توفّر الركن الثاني وهو الشكّ في البقاء ؛ لأنّه معلوم الارتفاع فعلاً بحسب الفرض فكيف يجري استصحابه؟
وقد اتّجه المحقّقون في دفع هذا الاستشكال إلى التمييز بين الزمان في نفسه والزمان النسبي ، أي زمان الجزء الآخر ، فيقال : إنّ الجزء المراد استصحابه إذا لوحظ حاله في عمود الزمان المتّصل إلى الآن فهو غير محتمل البقاء ؛ للعلم بارتفاعه فعلاً. وإذا لوحظ حاله بالنسبة إلى زمان الجزء الآخر فقد يكون مشكوك البقاء إلى ذلك الزمان ، مثلاً : عدم الكرّية في المثال المذكور لا يحتمل بقاؤه إلى الآن ، ولكن يشكّ في بقائه إلى حين وقوع الملاقاة ، فيجري استصحابه إلى زمان وقوعها.
وتفصيل الكلام في ذلك : أنّه إذا كان زمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه ـ وهو عدم الكرِّية في المثال ـ معلوماً ، وكان زمان تواجد الجزء الآخر ـ وهو الملاقاة في المثال ـ معلوماً أيضاً ، فلا شكّ لكي يجري الاستصحاب ، ولهذا لابدّ أن يفرض الجهل بكلا الزمانين ، أو بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه خاصّة ، أو بزمان تواجد الجزء الآخر خاصّة. فهذه ثلاث صور ، وقد اختلف المحقّقون في حكمها.
فذهب جماعة من المحقّقين منهم السيّد الاستاذ (١) إلى جريان
__________________
(١) مصباح الاصول ٣ : ١٧٧.