بعين وجود الفرد ، وهذا الفارق هو : أنّ الاستصحاب باعتباره حكماً منجّزاً وموصلاً للواقع فهو إنمّا يتعلّق به بتوسّط عنوانٍ من عناوينه وصورةٍ من صوره ، فإن كان مصبّ التعبّد هو الواقع المرئيّ بعنوانٍ تفصيليٍّ مشيرٍ اليه فهذا استصحاب الفرد ، وإن كان مصبُّه الواقع المرئيّ بعنوانٍ جامعٍ مشيرٍ اليه فهذا هو استصحاب الكلّي ، على الرغم من وحدة الواقع المشار اليه بكلا العنوانين. والذي يحدِّد إجراء الاستصحاب بهذا النحو أو بذاك كيفية أخذ الأثر الشرعي في لسان دليله.
وعلى هذا الضوء يتّضح أنّ التفرقة بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي لا تتوقّف على دعوى التعدّد في الواقع الخارجي وأنّ للكلّي واقعاً وسيعاً منحازاً عن واقعيات الأفراد ـ على طريقة الرجل الهمداني في تصور الكلّي الطبيعي ـ وهي دعوى باطلة ؛ لِما ثبت في محلّه من أنّ الكلّي موجود بعين وجود الأفراد.
كما أنّه لا موجب لإرجاع الكلّي في مقام التفرقة المذكورة إلى الحصّة ، ودعوى أنّ كلّ فردٍ يشتمل على حصّهٍ من الكلّي ومشخّصات عرضية ، واستصحاب الكلّي عبارة عن استصحاب ذات الحصّة ، واستصحاب الفرد عبارة عن استصحاب الحصّة مع المشخّصات ، بل الصحيح في التفرقة ما ذكرناه.
الجهة الثانية : في أقسام استصحاب الكلّي.
يمكن تقسيم الشكّ في بقاء الكلّي إلى قسمين :
أحدهما : الشكّ في بقاء الكلّي غير الناشئ من الشكّ في حدوث الفرد.
والآخر : الشكّ في بقائه الناشي من الشكّ في حدوث الفرد.
ومثال الأول : أن يعلم بدخول الإنسان ضمن زيدٍ في المسجد ويشكّ في خروجه.
ومثال الثاني : أن يعلم بحدثٍ مردّدٍ بين الأصغر والأكبر ويشكّ في ارتفاعه بعد الوضوء ، فإنّ الشكّ مسبّب عن الشكّ في حدوث الأكبر.