الواجب المشروط ، إلاّأنّ المجعول حينئذٍ لا يجري فيه استصحاب الحكم بهذا اللحاظ ، إذ لا شكّ في البقاء ، وإنمّا الشكّ في حدوث الجعل الزائد على ما عرفت سابقاً (١).
وإذا لوحظ المجعول بما هو صفة للموضوع الخارجي فهو منوط في هذا اللحاظ بالخارج ، فما لم يوجد الموضوع بالكامل ولو تقديراً وافتراضاً لا يرى للمجعول فعلية لكي يستصحَب.
ومن ذلك يعرف حال النقض المذكور ، فإنّ المجتهد يفترض تحقّق الموضوع بالكامل فيشكّ في البقاء مبنيّاً على هذا الفرض ، وأين هذا من إجراء استصحاب الحكم بمجرّد افتراض جزء الموضوع؟
وبكلمةٍ اخرى : أنّ كفاية ثبوت المجعول بتقدير وجود موضوعه في تصحيح استصحابه شيء ، وكفاية الثبوت التقديري لنفس المجعول في تصحيح استصحابه دون تواجد تمام الموضوع لا خارجاً ولا تقديراً شيء آخر.
والتحقيق : أنّ إناطة الحكم بالخصوصية الثانية في مقام الجعل تارةً تكون في عرض إناطته بالخصوصية الاولى ، بأن قيل : «العنب المغليّ حرام». واخرى تكون على نحوٍ مترتّبٍ وطولي ، بمعنى أنّ الحكم يقيّد بالخصوصية الثانية ، وبما هو مقيد بها يناط بالخصوصية الاولى ، بأن قيل : «العنب إذا غلى حرم» ، فإنّ العنب هنا يكون موضوعاً للحرمة المنوطة بالغليان ، خلافاً للفرضية الاولى التي كان العنب المغليّ بما هو كذلك موضوعاً للحرمة.
ففي الحالة الاولى يتّجه الاعتراض المذكور ، ولا يجري الاستصحاب في
__________________
(١) في بيان كيفيّة جريان الاستصحاب في المجعول ، ضمن البحث عن التفصيل بين الشبهة الحكميّة والشبهة الموضوعيّة ، تحت عنوان : عموم جريان الاستصحاب.