الحكم المعلّق.

وقد يجاب على ذلك بجوابين :

أحدهما : أنّا نستصحب سببية الغليان للحرمة ، وهي حكم وضعيّ فعليّ معلوم حدوثاً ومشكوك بقاءً.

والردّ على هذا الجواب : أنّه إن اريد باستصحاب السببية إثبات الحرمة فعلاً فهو غير ممكن ؛ لأنّ الحرمة ليست من الآثار الشرعية للسببية ، بل من الآثار الشرعية لذات السبب الذي رتّب الشارع عليه الحرمة. وإن اريد بذلك الاقتصار على التعبّد بالسببية فهو لغو ؛ لأنّها بعنوانها لا تصلح للمنجّزية والمعذّرية.

والجواب الآخر : لمدرسة المحقّق العراقي (١) ، وهو يقول : إنّ الاعتراض المذكور يقوم على أساس أنّ المجعول لا يكون فعلياً إلاّبوجود تمام أجزاء الموضوع خارجاً ، فإنّه حينئذٍ يتعذّر استصحاب المجعول في المقام ، إذ لم يصبح فعلياً ليستصحب. ولكن الصحيح : أنّ المجعول ثابت بثبوت الجعل ، لأنّه منوط بالوجود اللحاظي للموضوع ، لا بوجوده الخارجي ، فهو فعليّ قبل تحقق الموضوع خارجاً.

وقد أردف المحقّق العراقي ناقضاً على المحقّق النائينى : بأ نّه أليس المجتهد يجري الاستصحاب في المجعول الكلّي قبل أن يتحقّق الموضوع خارجاً؟

ونلاحظ على الجواب المذكور : أنّ المجعول إذا لوحظ بما هو أمر ذهني فهو نفس الجعل المنوط بالوجود اللحاظي للشرط وللموضوع على ما تقدم (٢) في

__________________

(١) مقالات الاصول ٢ : ٤٠٠.

(٢) في بحث الدليل العقلي من الجزء الأوّل للحلقة الثالثة ، تحت عنوان : قاعدة إمكان الوجوب المشروط.

۶۰۸۱