فالشرطية لا تقتضي إلغاء الأقلِّ رأساً ، بل تكميله ، وذلك بأن يجعل الكافر مؤمناً عند عتقه له فيعتقه وهو مؤمن.

ومثال الثاني : أن يطعم فقيراً غير هاشمي ، فإنّ شرطية الهاشمية تتطلّب منه إلغاء ذلك رأساً وصرفه إلى الإتيان بفردٍ جديدٍ من الإطعام ؛ لأنّ غير الهاشمي لا يمكن جعله هاشمياً.

ففي الحالة الاولى تجري البراءة عن الشرطية المشكوكة ؛ لأنّ مرجع الشكّ فيها إلى الشكّ في إيجاب ضمِّ أمرٍ زائدٍ إلى ما أتى به بعد الفراغ عن كون ما أتى به مصداقاً للمطلوب في الجملة. وهذا معنى العلم بوجوب الأقلّ والشكّ في وجوب الزائد ، فالأقلّ محفوظ على كلّ حالٍ والزائد مشكوك.

وفي الحالة الثانية لا تجري البراءة عن الشرطية ؛ لأنّ الأقلّ المأتيّ به ليس محفوظاً على كلّ حال ، إذ على تقدير الشرطية لابدّ من إلغائه رأساً ، فليس الشكّ في وجوب ضمِّ أمرٍ زائدٍ إلى ما أتى به ليكون من دوران الأمر بين الأقل والأكثر.

وهذا التحقيق لا يمكن الأخذ به ، فإنّ الدوران في كلتا الحالتين دوران بين الأقلّ والأكثر ؛ لأنّ الملحوظ فيه إنمّا هو عالم الجعل وتعلّق الوجوب ، وفي هذا العالم ذات الطبيعي معروض للوجوب جزماً ويشكّ في عروضه على التقيّد فتجري البراءة عنه ، وليس الملحوظ في الدوران عالم التطبيق خارجاً ليقال : إنّ ما اتي به من الأقلّ خارجاً قد لا يصلح لضمّ الزائد اليه ، ولابدّ من إلغائه رأساً على تقدير الشرطية.

ولا يختلف الحال في جريان البراءة عند الشكّ في الشرطية ووجوب التقيّد بين أن يكون القيد المشكوك أمراً وجودياً ـ وهو ما يعبَّر عنه بالشرط عادة ـ أو عدم أمرٍ وجودي ، ويعبّر عن الأمر الوجودي حينئذٍ بالمانع ، فكما لا يجب على المكلف إيجاد ما يحتمل شرطيته كذلك لا يجب عليه الاجتناب عمّا يحتمل مانعيّته ؛ وذلك لجريان الأصل المؤمِّن.

۶۰۸۱