حتّى ولو كان المكلّف يعلم بعدم ثبوت أكثر من تكليفٍ واحد ، كما إذا علم بوجود نجسٍ واحدٍ فقط في الإناءات (١) المعلومة نجاستها سابقاً ، فيجري استصحاب النجاسة في كلّ واحدٍ منها. ومنه يعلم أنّه لو لم تكن النجاسة الفعلية معلومةً أصلاً أمكن أيضاً إجراء استصحاب النجاسة في كلّ إناءٍ ما دامت أركانه تامّةً فيه ، ولا ينافي ذلك العلم إجمالاً بطهارة بعض الأواني وارتفاع النجاسة عنها واقعاً ؛ لأنّ المنافاة : إمّا أن تكون بلحاظ محذورٍ ثبوتيٍّ بدعوى المنافاة بين الاصول المنجِّزة للتكليف والحكم الترخيصي المعلوم بالإجمال ، أو بلحاظ محذورٍ إثباتيٍّ وقصورٍ في إطلاق دليل الأصل.

أمّا الأول فقد يقرَّب بوقوع المنافاة بين الإلزامات الظاهرية والترخيص الواقعي الثابت في مورد بعضها على سبيل الإجمال جزماً.

والجواب : أنّ المنافاة بينها وبين الترخيص الواقعي إن كانت بملاك التضادّ بين الحكمين فيندفع بعدم التضادّ ما دام أحدهما ظاهرياً والآخر واقعياً. وإن كانت بملاك ما يستتبعان من تحرّكٍ أو إطلاق عنانٍ فمن الواضح أنّ الترخيص المعلوم إجمالاً لا يستتبع إطلاق العنان الفعلي ؛ لعدم تعيّن مورده ، فلا ينافي الاصول المنجِّزة في مقام العمل.

وأمّا الثاني فقد يقرَّب بقصورٍ في دليل الاستصحاب ، بدعوى أنّه كما ينهى عن نقض اليقين بالشكّ كذلك يأمر بنقض اليقين باليقين ، والأول يستدعي إجراء الاستحصاب في تمام الأطراف ، والثاني يستدعي نفي جريانها جميعاً في وقتٍ واحد ؛ لأنّ رفع اليد عن الحالة السابقة في بعض الإناءات نقض لليقين باليقين.

والجواب أولاً : أنّ هذا إنّما يوجب الإجمال في ما اشتمل من روايات

__________________

(١) كذا ، وفي معاجم اللغة : الإناء جمعه آنية ، وجمع الآنية : أواني.

۶۰۸۱