والتحقيق : أنّ الشمول يتوقّف على أمرين :
أحدهما : تصوير جامعٍ مناسبٍ بين المشكوكين في الشبهتين ليكون مصبّاً للرفع.
والآخر : عدم وجود قرينةٍ في الحديث على الاختصاص.
أمّا الأمر الأول فقد قدّم المحقّقون تصويرين للجامع :
التصوير الأول : أنّ الجامع هو الشيء باعتباره عنواناً ينطبق على التكليف المشكوك في الشبهة الحكمية والموضوع المشكوك في الشبهة الموضوعية.
وقد اعترض صاحب الكفاية (١) على ذلك : بأنّ إسناد الرفع إلى التكليف حقيقي ، وإسناده إلى الموضوع مجازي ، ولا يمكن الجمع بين الإسنادين الحقيقي والمجازي.
وحاول المحقّق الأصفهاني (٢) أن يدفع هذا الاعتراض : بأنّ من الممكن أن يجتمع وصفا الحقيقية والمجازية في إسنادٍ واحدٍ باعتبارين ، فبما هو إسناد للرفع إلى هذه الحصّة من الجامع حقيقي ، وبما هو إسناد له إلى الاخرى مجازي.
وهذه المحاولة ليست صحيحة ، إذ ليس المحذور في مجرّد اجتماع هذين الوصفين في إسنادٍ واحد ، بل يُدّعى أنّ نسبة الشيء إلى ماهو له مغايرة ذاتاً لنسبة الشيء إلى غير ما هو له ، فإن كان الإسناد في الكلام مستعملاً لإفادة إحدى النسبتين اختصّ بما يناسبها. وإن كان مستعملاً لإفادتهما معاً فهو استعمال لهيئة الإسناد في معنيين ، ولا جامعَ حقيقيّ بين النسب لتكون الهيئة مستعملةً فيه.
والصحيح أن يقال : إنّ إسناد الرفع مجازيّ حتّى إلى التكليف ؛ لأنّ رفعه ظاهريّ عنائي ، وليس واقعياً.
__________________
(١) حاشية فرائد الاصول : ١٩٠.
(٢) نهاية الدراية ٤ : ٤٩.