اللوازم العقلية لمؤدّاها ، ونعبِّر بالأصل عن ذلك الحكم الظاهري الذي ليس له تلك الآثار. وقد عرفنا سابقاً أنّ مجرّد كون المجعول في دليل الحجّية الطريقية لا يفي بإثبات تلك الآثار للأمارة.
الثاني : أنّ الفرق بينهما ينشأ من أخذ الشكّ موضوعاً للأصل العملي ، وعدم أخذه كذلك في موضوع الحجّية المجعولة للأمارة.
وهذا الفرق مضافاً إلى أنّه لا يفي بالمقصود غير معقولٍ في نفسه ؛ لأنّ الحجّية حكم ظاهري ، فإن لم يكن الشكّ مأخوذاً في موضوعها عند جعلها لزم إطلاقها لحالة العلم ، وجعل الأمارة حجّةً على العالم غير معقول. ومن هنا قيل بأنّ الشكّ مأخوذ في حجّية الأمارة مورداً لا موضوعاً ، غير أنَّنا لا نتعقّل بحسب عالم الجعل ومقام الثبوت نحوين من الأخذ.
الثالث : أنّ الفرق بينهما ينشأ من ناحية أخذ الشكّ في لسان دليل الأصل ، وعدم أخذه في لسان دليل حجّية الأمارة بعد الفراغ عن كونه مأخوذاً في موضوعهما ثبوتاً معاً.
وهذا الفرق لا يفي أيضاً بالمقصود. نعم ، قد يثمر في تقديم دليل الأمارة على دليل الأصل بالحكومة. هذا ، مضافاً إلى كونه اتّفاقياً فقد يتّفق أخذ عدم العلم في موضوع دليل الحجّية ، كما لو بني على ثبوت حجّية الخبر بقوله تعالى :
﴿فَاسْألوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمون﴾ (١) فهل يقال بأنّ الخبر يكون أصلاً حينئذٍ؟
الرابع : ما حقّقناه في الجزء السابق (٢) من أنّ الأصل العملي حكم ظاهريّ
__________________
(١) النحل : ٤٣.
(٢) في بحث الحكم الواقعي والظاهري من أبحاث التمهيد تحت عنوان : الأمارات والاصول.