إذا استحال أن يعاصره استحالت مانعيّته له ، وبالتالي لا يكون عدمه من أجزاء العلّة.
وعلى هذا الأساس إذا لاحظنا الصلاة بوصفها ضداً لإزالة النجاسة عن المسجد نجد أنّ المقتضي لها هو إرادة المكلف ، ويستحيل أن تجتمع الإزالة مع إرادة المكلف للصلاة ، وهذا معناه أنّ مانعية الإزالة عن الصلاة مستحيلة ، فلا يمكن أن يكون عدمها أحد أجزاء العلّة.
وإن شئت قلت : إنّه مع وجود الإرادة للصلاة لا حالة منتظرة ، ومع عدمها لا مقتضي للصلاة ليفرض كون الإزالة مانعةً عن تأثيره.
فإن قيل : كيف تنكرون أنّ الإزالة مانعة ، مع أنّها لو لم تكن مانعةً لاجتمعت مع الصلاة ، والمفروض عدم إمكان ذلك؟
كان الجواب : أنّ المانعية التي تجعل المانع علّةً لعدم الأثر ، وتجعل عدم المانع أحد أجزاء العلّة للأثر إنّما هي مانعية الشيء عن تأثير المقتضي في توليد الأثر. وقد عرفت أنّ هذه المانعية إنّما تثبت لشيءٍ بالإمكان معاصرته للمقتضي.
وأمّا المانعية بمعنى مجرّد التمانع وعدم إمكان الاجتماع في الوجود ـ كما في الضدَّين ـ فلا دخل لها في التأثير ، إذ متى ما تمّ المقتضي لأحد المتمانعين بهذا المعنى مع الشرط ، وانتفى المانع عن تأثير المقتضي أثّر أثره لا محالة في وجود أحد المتمانعين ونفي الآخر. ونتيجة ذلك : أنّ وجود أحد الضدَّين مع عدم ضدّه في رتبةٍ واحدةٍ ولا مقدميّة بينهما.
الجواب الثاني : أنّ افتراض المقدميّة يستلزم الدور ، كما أشرنا إليه في الحلقة السابقة (١) فلاحظ.
__________________
(١) في بحث الدليل العقلي ، تحت عنوان : اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه.