وقال البعض (١) : إنّه بملاك الجزئية والتضمّن ؛ لأنّ الوجوب مركّب من طلب الفعل والمنع عن الترك.
وقد تقدم في بحث دلالة الأمر على الوجوب إبطال دعوى التركّب في الوجوب على هذا النحو.
وقال البعض (٢) : إنّه بملاك الملازمة ؛ وذلك لأنّ المولى بعد أمره بالفعل يستحيل أن يرخِّص في الترك ، وعدم الترخيص يساوق التحريم.
والجواب : أنّ عدم الترخيص في الترك يساوق ثبوت حكمٍ إلزامي ، وهو كما يلائم تحريم الترك ، كذلك يلائم إيجاب الفعل ، فلا موجب لاستكشاف التحريم.
وأمّا الضدّ الخاصّ فقد يقال باقتضاء وجوب الشيء لحرمته بأحد دليلين :
الدليل الأول : وهو مكوّن من مقدّمات :
الاولى : أنّ الضدّ العامّ للواجب حرام.
الثانية : أنّ الضدّ الخاصّ ملازم للضدّ العامّ.
الثالثة : أنّ كلّ ما هو ملازم للحرام فهو حرام.
ويبطل هذا الدليل بإنكار مقدمته الاولى ، كما تقدّم ، وبإنكار المقدمة الثالثة ، إذ لا دليل عليها.
الدليل الثاني : وهو مكوّن من مقدّماتٍ أيضاً :
الاولى : أنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة لضدّه.
الثانية : أنّ مقدّمة الواجب واجبة ، وعليه فترك الضدّ الخاصّ للواجب
__________________
(١) منهم صاحب المعالم في المعالم : ٦٣ ـ ٦٤.
(٢) كالمحقّق النائيني في فوائد الاصول ١ : ٣٠٣ ، والمحقّق العراقي في نهاية الأفكار ١ : ٣٧٧.